بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني
(التأثر والتأثير في الأدب المقارن)
التأثير والتأثر في الأدب المقارن:
إذا كانت المدرسة الفرنسية في الأدب المقارنة تشترط لإجراء عملية المقارنة: أن تكون هناك صلات تاريخية بين طرفي المقارنة؛ فإن ثمة مدارس أخرى تشترط وجود مثل تلك الصلات، بل تكتفي بوجود المشابهات أو الاختلافات بينهما، ومن هذه المدارس: المدرسة الأمريكية، والإيطالية، والألمانية، والسلافية. كما أشرنا قبلًا.
وسوف نتريث هنا قليلًا لنقول كلمة عن المدرسة السلافية لما فيها من خصوصية تميزها عن بقية المدارس المذكورة آنفًا، وهي المدرسة التي كان ينتمي إليها الدارسون المقارنون في الاتحاد السوفيتي، ودول شرق أوربا الدائرة أوان ذلك في فلكه، إذ تكتفي تلك المدرسة بأن تكون هناك تشابهات بين الأديب أو الجنس الأدبي أو الاتجاه الفني مثلًا المراد درسه، وبين نظيره لدى أمة أخرى، وسواء بعد ذلك أكانت هناك صلات بين الطرفين أم لا.
وتزيد المدرسة السلافية على ذلك: أنها ترجع تلك التشابهات إلى تشابهات في البنية التحتية، التي أفرزت الإبداع الأدبي على منهجها في رد كل شيء في دنيا الفكر والذوق، إلى وسائل الإنتاج وعلاقاته.
كذلك لاحظت حين كنت أنَقِّر في تراثنا العربي بغية العثور على نصوص في المقارنة الأدبية؛ فوجدت منها الكثير أن علماءنا القدامى من مقارني الأدب، لم يكونوا يضعون نُصب أعينهم شرط وجود الصلات التاريخية بين طرفي المقارنة، إذًا فالتأثير الخارجي الذي ينسب له أنصار المدرسة الفرنسية عادة الدور الأكبر في المشابهات بين الآداب القومية المختلفة، ويشترطون تحققه كي تتم المقارنة الأدبية