فأغلب المؤثرات العربية من أصوات وكلمات وعبارات وحكم وأمثال أدخلها العرب أنفسهم في اللغة البنتوية، من خلال سعيهم للتواصل مع السكان المحليين، ثم تلقاها منهم السكان المحليون بهيئتها الجديدة هذه.
وإذا كان هناك اقتراض في الاتجاه المعاكس، فلا بد أنه قد حدث في وقت متأخر، يصعب تقدير نسبة الألفاظ العربية في اللغة السواحيلية، لأن هذا التأثير كما أسلفنا متفاوت بين الساحل والداخل، إلا أنه قد شمل جُل أوجه الحياة لاسيما الممارسات الإسلامية والتجارة والإدارة وبعض العادات والتقاليد.
أما في ما يختص بالثقافة السواحيلية، فقد أشار سيد حامد حريز إلى أن ملامح الثقافة العربية للمجتمع السواحلي تختلف من مكان لآخر داخل المنطقة السواحيلية في قوتها وكثافتها، وبالطبع بحسب موقع المكان قربًا أو بعدًا من الساحل والجزر كما أسلفنا، وفي بعض الأماكن تقتصر هذه الثقافة فقط على اللغة والملبس، بينما تنعكس في أماكن أخرى في اللغة والعادات والمعتقدات والأزياء والمسكن والفنون ... إلى آخره.
إن من أهم الآثار الإسلامية على الشعوب التي حظيت بنعمة الإسلام في أسيا وأفريقيا، تطور أو نشأة أدب مكتوب بلغات هذه الشعوب يستمد جذوره من الأدب العربي الإسلامي، ونذكر على سبيل المثال في أسيا الأدب الفارسي الحديث والأدب التركي والأدب الأردي، وفي أفريقيا الأدب السواحيلي والأدب الهاوسي والأدب الفولاني، ولكن ما حدث في أسيا كان عبارة عن تطور، لأن لتلك الشعوب أدبا مكتوبًا بأبجديات غير عربية، كان موجودًا قبل تأثرهم بالثقافة العربية الإسلامية، بينما نجد أن الشعوب الإفريقية المذكورة أعلاه لم تعرف أدبًا مكتوبًا قبل دخول الإسلام. وأن آدابها المكتوبة نشأت منذ البداية متفرعة من الأدب العربي الإسلامي ومكتوبة بالحرف العربي.