وفي تلك الفترة أنجز الجزء الأول ملحمتة الشعرية "فوست" التي صور فيها الرغبة العارمة في الوصول إلى امتلاك الحقيقة، وفي التخلص من القيود البشرية التي تمنع من الكمال، وهذا يمثل الجانب الأبيض داخل "جوته" نفسه، ثم صور في شخصية "مافستو" الجانب الأسود حيث الرغبة في التمرد الأعمى.
وقد التقى "جوته" بنابليون بونابرت في إيرفورت في عام ألف وثمانمائة وثمانية، واستقبله نابليون وجلس معه، وأخذا يتناقشان ويتحاوران مواضيع فكرية وسياسية، وبعد أن انتهى الحديث نظر كل إلى من حوله مشيرًا إلى جوته قائلًا: هاكم رجلًا. فقد أعجب نابليون بأفكار جوته وعبقريته، وكان قد قرأ له من قبل أن يلتقيه رواية "آلان فرتر" ودعاه نابليون في ذلك الوقت المجيء إلى باريس، والإقامة بها، غير أنه لم يذهب إلى باريس، ولم يصبح صديقًا لنابليون، وكان هذا آخر لقاء بينهما.
وفي عام ألف وثمانمائة وتسعة بدأ جوته يستعيد نشاطه الجسدي والنفسي، وشرع في كتابة سيرته الذاتية، وقد شَهِدَ جُوته موت جميع أصدقائه القُدامَى، ولم يكن يتوقف على التعلم والاطلاع على كافة الأفكار، ولذلك ظَلّ فِكْرُه وفلسفته للحياة تتطور مع كل مراحل حياته.
في تلك الفترة التي شهدت صراع القارة الأوربية ضد جيوش نابليون، والمعارك التي استنفدت قواها، بدأ جوته يتجه إلى الشرق والاهتمام بتاريخه وأدبه، فبدأ بدراسة اللغتين العربية والفارسية؛ فقرأ القرآن واستهواه الشعر العربي القديم، وكذلك الشعر الفارسي، وأعجب بشكل خاص بالشاعر الفارسي حافظ شيرازي.