ولا تنطلق هاربة خائفة منهما، وهذا يدل على أن الجزيرة لم تطأها أقدام بشرية من قبل.
وفي اليوم الثاني لوجودهما في الجزيرة مات زميل "ألسكندر سيلكيرك" لأنه تناول فراولة مسمومة، وظل "ألكسندر" يعيش في الجزيرة بمفرده، بعد أن هيأ لنفسه أجواءً تسمح له بالعيش فيها طيلة حياته، ومما عثر عليه في أوراقه عن وصفه تلك الجزيرة -كما تقول حفيدته- أنها جنة الله في الأرض؛ فكافة أنواع الفواكه والأطعمة موفورة فيها بكثرة، ومياه غدرانها عذبة كالشهد، وكُنت أصطاد فيها الغزلان والديكة البرية، وإذا رغبت في شرب شيء من اللبن؛ فما ألذه من ضرع "ماري" تلك العنزة التي كانت تتبعني أينما أذهب. وقد بنى "سيلكيرك" كوخًا من عيدان الخيزران وأوراق الشجر العريضة.
وقد استرسلت السيدة في وصف تلك الجزيرة، على ضوء قراءتها للأوراق التي خلفها لها جدها، ومن أطرف ما قالت في هذا الصدد: "إن القطط والكلاب لم تكن بينها تلك العداوة التي نعرف عنها في معيشتها بين ظهرانينا؛ فالحيوانات في تلك الجزيرة الساحرة كانت تعيش في بسلام ومحبة" -والكلام ما زال للسيدة "سيلكيرك".
ومما ذكره جدي في أوراقه: "كنت أشاهد الحيوانات كيف تقضي وقتها باللعب معًا، فالفئران كانت تركب على ظهر القطط، والقطط تتسابق مع الكلاب، وكثيرًا ما كنت أجدها تنظف جلود بعضها البعض بألسنتها، ولم يحدث أن وجدت عداءً بين أي من الحيوانات التي تعيش على يابسة تلك الجزيرة".
ولكن الذي حفز "ألكسندر سيلكيرك" للعودة إلى المدينة، هو عثوره على مجرى للتبر، أخذ يجمع منه ما يستطيع جمعه، وعبأه بأكياسٍ جلدية صنعها من جلود