من الشعراء الأوربيين، فلعلهم قد تأثروا بتراثنا وآدابنا، على أن يكون الفيصل في هذا كله هو التأكد من وقوع مثل ذلك التأثر فعلًا، لا القفز بمجرد التشابه إلى القول بالتأثير دون برهان.
وهذا كلام متزن تمام الاتزان، إلا أنه لا ينفي عن محاضرة الدكتور الطيب أنها من الأدب المقارن في الصميم، إذ ليس بلازم أن تكون هناك صلة بين الأدبين أو النصين أو المبدعين اللذين نريد أن ندرسهما دراسة مقارنة كما تشترط المدرسة الفرنسية بوجه عام، بل يكفي مثلًا أن نلمح فيهما تشابهًا أو تناقضًا أو ما إلى ذلك، مما من شأنه أن يبعثنا إلى القيام بمثل تلك الدراسة، وهو ما فعله هنا الدكتور الطيب، وسواء بعد ذلك أثبت مثل ذلك التأثير أم لا.
وأخيرًا فلعل من المفيد أن يرجع القارئ إلى ما جاء عن مصادر القصيدة "الإليوتية" في المقال الخاص بها في الموسوع ة المشباكية " wikipedia" وعنوانه " The West Land" ولسوف يرى بنفسه صحة ما نبه إليه الدكتور الطيب من أنه لا توجد أدنى إشارة إلى أي شيء عربي أو إسلامي بين تلك المصادر، بل إن في نهاية الكلام إشارة إلى أن "إليوت" قد استوحى فكرة "الأرض الخراب" من الدراسة التي قامت بها " Jessie Weston " في كتابها " From Ritual to Romance " عن نفس الموضوع في الأساطير الكلتية.
أما بالنسبة لتأثر شعرنا الحديث بالشعر الغربي، فقد لاحظ "جبرا إبراهيم جبرا" مثلًا أن الأساطير والإشارات التي انطوت عليها "الأرض اليباب" مثل فيلبس الفنيقي، وتموز، والملك الصياد) وغيرها من الأساطير وجدت سبيلها إلى أعمال الكتاب العرب؛ لما فيها من أصل محلي كان عاملًا في تقريب أرض "إليوت" من محاولتهم الشعرية والنسج على منوالها.