ذاك، وهو ما أثار الدكتور الطيب، ودفعه إلى تقصي البحث في تلك المسألة، إذ عزز عليه -حسبما فهم- أن يتجاهل "إليوت" ثقافة العرب والمسلمين كل هذا التجاهل، وكأنها لم تكن إحدى دعائم النهضة الأوربية.
ورأي الدكتور الطيب أن "إليوت" قد استوحى الروح العامة لقصيدته من معلقة "لبيد بن ربيعة"، ذلك أن الشعر الإنجليزي من "بريمستون"، "بريمستون" دائمة المطر والخضرة فلا شأن له إذًا بالأرض الخراب، اللهم إلا إذا كان قد قرأ مُعَلّقة "لبيد" التي يبدأ صاحبها كلامه بوصف بعض المواقع التي أصبحت خربة مقفرة، بعد أن غادرها أهلوها، بل إنه في الصورة التالية من القصيد المشار إليها " april is the cruelest month breathing relax " إنما يتابع لبيدًا في تصوره للربيع الذي يسقط فيه المطر، ويزدهر النبات مثلما يتابع كذلك وصف فصلي الصيف والشتاء.
وعلى نفس الشاكلة يرى الدكتور الطيب أن الشاعر الإنجليزي يحتذي امرأ القيس أيضًا حتى في الواقعة الماجنة التي ذكر فيها أنه دخل الخضر على عنيزة، فاشتكت جرأته، وتهوره وحذرته أنه إذا لم يكف عن عبثه ذاك، فإنه مرجلها عن بعيرها عما قليل.
ولم يكتف الأستاذ الدكتور برصد هذه التشابهات بين "إليوت" وبعض الشعراء العرب الجاهليين، بل مضى فتحدث عن ترجمة المعلقات قبل "إليوت" إلى الإنجليزية على يدي "السير ويليام جونز" الذي لم يكتفِ بالترجمة بل صدر كل معلقة منها بمقدمة تحليلية، كما كتب دراسة بالفرنسية عن لبيد وامرئ القيس وغيرهما من شعراء العرب والمسلمين، فوق ما وضعه من مؤلفات عن ديانة الهندوس، والمقارنة بينها وبين الإسلام.