مهمشًا في كتابات النقاد القدماء، فلم يتناولوه بالتحليل الفني، واكتفوا في الحالات التي وقعت لنا على الأقل بالأحكام الانطباعية التي يبدون فيها إعجابهم بالعمل الذي يتحدثون عنه، لكان في كلامها صحة.

وكيف يكون القصص لدى العرب مهمشًا، وغير معترفًا به، وقد تركوا لنا كل هذا الكم الوفير من القصص؟ وكذلك كيف يكون هذا الفن مهمشًا، وغير معترف به عندهم، وقد ألف فيه كبار الكتاب كابن المقفع وسهل بن هارون والجاحظ وأبي الفرج الأصفهاني، وابن شريد وأبي علاء المعري وبديع الزمان الهمذاني، وياقوت الحموي والزمخشري، وابن الجوزي، والقاضي التنوح والإبشيهي، وابن عرب شاة؟.

وكيف يكون هذا الفن مهمشًا، وغير معترفًا به، وها هم هؤلاء الكتاب الكبار يبدون إعجابهم بالأعمال القصصية؟ والعجيب أنها تعود فتقول في الفصل الثاني من الكتاب: "إن الكتابة النثرية العربية قد اتخذت مسارات قصصية متعددة، فكيف يصح هذا مع قولها: إن هذا اللون من الكتابة كان مهمشًا، وغير معترفًا به عند العرب؟

وبالمثل قد أخطأت خطأ آخر حين زعمت أن الشكل القصصي قد تولد من رحم الرسالة في نصي "رسالة الغفران" و"رسالة التوابع والزوابع"، إذ الفن القصصي كما رأينا كان معروفًا عند العرب منذ الجاهلية، وبعد الإسلام نجد لدينا عبيدة بن شرية، وابن المقفع، وسهل بن هارون والجاحظ ... إلخ.

وكل هؤلاء سابقون على المعري وابن شهيد كما هو معلوم، ولن نتحدث عن القرآن والأحاديث، وما فيهما من قصص، فما قالته إذًا هو حكم متعجل لا عمق، ولا روية فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015