نحتاج في دراستنا لأدب أي أمة من الأمم إلى معرفة الأحداث الكبرى التي أثرت في حياة منشئيه؛ لأن الأدب في حقيقته مرآة ناصعة صافية تنعكس عليها حياة أهله وما تأثروا به من أحداث عامة وظروف خاصة.
ولما كنا سنتحدث عن الأدب المصري منذ القرن الماضي، فإننا مضطرون إلى أن نرجع إلى الوراء لنربط الأحداث بعضها ببعض. ولعل أكبر الأحداث السابقة اقتحام الحملة الفرنسية لمصر في آخر القرن الثامن عشر، واصطدامها بهذا الشعب الذي كان يَرْزَحُ تحت أثقال الحكم العثماني منذ غزاه الترك في القرن السادس عشر، وأنزلوا بأهله البؤس والضنك والإعسار، ومن أهم خصائص الترك أنهم كانوا غزاة فاتحين، ولم يكونوا أصحاب حضارة ولا نظام في الحكم والسياسة.
وقبل ذلك هدموا الحضارة البيرنظية في القرن الخامس عشر بفتحهم القسطنطينية؛ ولكن هذا الهدم لم يكن شديد الضرر؛ بل كان شديد النفع؛ فإن أصحاب هذه الحضارة هاجروا إلى أوربا، وساعدوا مساعدة فعالة في نشأة نهضتها الحديثة، بما نشروا فيها من الآثار اليونانية والرومانية.
أما في مصر والشام -وكانا قد أصبحا مَوْئِلَي الحضارة الإسلامية منذ غزوات التتار للشرق العربي وغزوات المسيحيين الشماليين للأندلس- فقد هدم الترك