نرى محسنًا في الريف، ونسمع خلال فنون من الحوار إلى دفاع عن الفلاح المصري وعراقة روحه، تلك الروح التي أنشأت عصر الفراعنة، والتي تنشئ نهضتنا الحديثة. ويعود إلى القاهرة ليرى حبه يتحطم، وتنشب الثورة المصرية، ويضطرب أفراد الأسرة فيها ويتَّحدون في مثل أعلى سامٍ، هو الجهاد في سبيل الحرية. وقد كُتبت هذه القصة في كثير من جوانبها بلغتنا العامية.
وقد عاد توفيق إلى مصر في سنة 1928 ووُظف في سلك النيابة حتى سنة 1934، ثم انتقل مديرًا للتحقيقات بوزارة التربية والتعليم، وظل بها إلى سنة 1939؛ إذ نقل إلى وزارة الشئون الاجتماعية مديرًا لمصلحة الإرشاد الاجتماعي. وصَمَّم منذ عاد من بعثته أن يقتحم فن التمثيل الغربي بعد أن عرف أصوله وتلقَّن أسسه عند الإغريق والفرنسيين، وأُلْهم كما ألهم لطفي السيد وطه حسين أنه لا بد من الرجوع إلى الإغريق الذين هيئوا لأوربا نهضتها في التمثيل وغير التمثيل؛ لنبني نهضتنا الثقافية على نفس القواعد التي بَنَى عليها الأوربيون.
ويتعمق بنظره المأساة الإغريقية، فيجدها تستمد موضوعها من الأساطير ومن شعور ديني بصراع عنيف بين الإنسان والقوى الإلهية المسيطرة على الكون، وتصوِّر المأساة هذا الصراع صاعدًا إلى نهايته، وهي الفاجعة التي تنتج عن صرامة القضاء. ولم يلبث توفيق الحكيم أن عمد إلى تطبيق ذلك في أسطورة إسلامية عَرضتْ لها الروايات المسيحية، وهي قصة أهل الكهف التي أشير إليها في القرآن الكريم، وهم سبعة نفر ماتوا في الكهف، وظلوا نحو ثلاثمائة سنة، ثم بُعثوا، وعادوا إلى الموت بعد أن ظهرت معجزتهم الخارقة، إلا أن توفيقًا جعلهم يستأنفون الحياة، وجعل لهم مغامرات بناها على صراع عنيف بين الإنسان والزمن، فقد كان كل شيء مُعَدًّا ليعيشوا معيشة رغد وهناءة؛ ولكن حائلًا يحول بينهم وبين هذه المعيشة؛ هو الحقيقة التي تصطرع مع الواقع.
فهذا أحدهم يعلم أن ابنه مات منذ مائة عام، فيؤثر الموت على الحياة، ويعود إلى الكهف، وهذا ميشلينا الذي كان قد وقع قديمًا في حب بريسكا بنت ديقيانوس يلتقي في قصر الملك المسيحي بحفيدة جميلة لها سميت باسمها، وانطبعت على وجهها صورتها، فظنها معشوقته القديمة، وتُفْتَنُ به، ويتبادلان