إلى نفس الغاية النبيلة.
ولا نصل إلى الحرب الكبرى في أوائل هذا القرن حتى تظهر ظهورًا بينًا تباشير هذا كله، فقد اقتحم هذا الشباب الجامعي وغير الجامعي أسوار الحضارة والثقافة الأوربية، وحصل منها لنفسه ووطنه على كل ما كان يريد من كنوز عقلية وأدبية.
وكان إخوانهم المصريون الذين لم تُتَحْ لهم فرصة السفر يدأبون على الترجمة والنهل من معين هذه الآداب الغربية. وسُرعان ما ظهرت نتائج هذا كله بعد الحرب الأولى، فإذا جيل كبير قد تم لمصر تثقفُه بالآداب الغربية ثقافة منظمة، ولم يكتفِ بذلك؛ بل أخذ يثبت شخصيته.
وانتقل هذا الجيل بالترجمة نقلة دنت من حد الكمال بما أُوتي من قدرة لغوية وأدبية، وكان للتجارب الطويلة التي قام بها المترجمون طوال القرن الماضي أثر لا يُنكر في إحسان هذا الجيل لوسائله اللغوية، ومن المحقق أن المترجمين القدماء عانوا طويلًا في الحصول على الألفاظ العربية المقابلة للألفاظ الأجنبية سواء في الآداب والعلوم؛ ولكن من المحقق أيضًا أن هؤلاء المترجمين المعاصرين أوفوا من دقة الترجمة وجمال أسلوبها على الغاية التي كانت تطمح إليها مصر وتنتظرها.
وحصولنا على هذه الغاية عند لطفي السيد وطه حسين وإبراهيم المازني وأضرابهم يحمل في أطوائه تزاوجًا رائعًا بين الآداب الغربية والعربية، فلم تعد لغتنا تنفر من هذه الآداب، ولم تعد تستعصي عليها؛ بل لقد استقرت في ذهنية أبنائها، وأصبحت كأنها من تراثها وتراثهم.
ولم نلبث أن تطورنا بجامعتنا المصرية بعد ثورتنا الوطنية الأولى، وما حصلنا عليه من استقلال مقيد ببعض الشروط، فإذا نحن نضعها تحت إشراف الحكومة سنة 1925، وتتسع فتشمل بجانب الآداب: الطب والعلوم والحقوق، ثم تضم بعد ذلك: الهندسة والزراعة والتجارة والطب البيطرى.
وبذلك تبلغ الجامعة المصرية كل ما كان يقدره لها المصريون في أوائل