المحامي: قولا لي ما حقكم فيه الوقف؟ وما شرط الواقف؟ وكم يقدر ثمن العين لتقدر قيمة الأتعاب بحسبه؟

عيسى بن هشام: إن لصاحبي هذا وقفًا عاقته عنه العوائق، فوضع سواه عليه يده، ونريد رفع الدعوى لرفع تلك اليد.

المحامي: سألتك: ما قيمة العين؟

عيسى بن هشام: لست أدري على التحقيق؛ ولكنها تبلغ الألوف.

المحامي: لا يمكن أن يقل مقدم الأتعاب حينئذ عن المئات.

عيسى بن هشام: لا تَشْطُطْ أيها الشيخ في قيمة الأتعاب، وارفق بنا، فإننا الآن في حالة عسر وضيق.

غلام المحامي: وهل ينفع في رفع الدعوى اعتذار بإعسار؟ ألم تعلم أن هذا شغل له "اشتراكات" ولكتبته والمحضرين "تطلعات"؟ وأنَّى لكما بمثل مولانا الشيخ، يضمن ربح الدعوى وكسب القضية بما يهون معه دفع كل ما يطلبه في قيمة أتعابه؟ وهل يوجد مثله أبدًا في سعة العلم بالحيل الشرعية ولطف الحيلة في استمالة محامي الخصم واستجلاب عناية القضاة؟

عيسى بن هشام: دونك هذه الدراهم التي معنا، فخذها الآن ونكتب لك صكًّا بما يبقى لحين كسب القضية، وليس يفوتك شيء من ذلك ما دام ربحها مضمونًا لديك على كل حال.

المحامي -بعد أن استلم الدراهم بعدِّها: أنا أقبل منك هذا العدد القليل الآن ابتغاء ما ادَّخره الله لعباده من الأجر والثواب في خدمة المسلمين. وعليك بشاهدين للتوكيل.

ويستمر الحوار على هذا النحو، فنطَّلع منه على طباع المحامين الشرعيين وجشعهم وطرق احتيالهم. ولم يسجع المويلحي في هذه القطعة؛ ولكن هذا إنما يأتي شذوذًا، فالأصل في الكتاب كله السجع على طريقة المقامات. وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015