النظرات:
تقع النظرات في ثلاثة مجلدات، وهي مجموعة كبيرة من المقالات الاجتماعية نشرها المنفلوطي في أوائل القرن بصحيفة "المؤيد" التي كان يحررها الشيخ علي يوسف. وتمتاز هذه المقالات بميزتين أساسيتين: ميزة تتناول الشكل وميزة تتناول الموضوع، أما من حيث الشكل فإنها كتبت في أسلوب نقي خالص، ليس فيه شيء من العامية ولا من أساليب السجع الملتوية إلا ما يأتي عفوًا. فقد قرأ المنفلوطي واستوعب ما قرأه، ولم يكتفِ بأن يعيش على تقليد كاتب قديم بعينه مثل ابن المقفع أو الجاحظ أو بديع الزمان؛ بل حاول أن يكون له أسلوبه الخاص به، حقًّا تلمع في كتابته آثار القدماء، فقد تحس أحيانًا أنه يحتذي نثر الجاحظ أو نثر بديع الزمان؛ ولكن ما يحتذيه أو ما ينقله يدخل في كيان تعبيره؛ بحيث يصبح كأنه يُعاد خلقه من جديد.
وذلك ما نسميه بشخصية الكاتب، فكل ما يكتبه يُطْبَعُ بطابعه، وكأنه عملة خاصة به، وهي ليست عملة مزيفة؛ وإنما هي عملة صحيحة تنبع من فكره وقلبه، وتعطيه سماته الخاصة به، فتقرؤه، ولا تلبث أن تقبل عليه؛ لأنك تجد عنده ما يحدث لذة فنية في نفسك؛ إذ يقدم لك أثرًا أدبيًّا حقيقيًّا يمس قلبك، ويثير عاطفتك.
وهذا من حيث الشكل، أما من حيث الموضوع، فقد اختار الحياة الاجتماعية