أو حاجز، فقد طُمست وانمحت جميع الفواصل والحواجز، وكأنما كانت قائمة على أقواس وهمية.
وعلى هذا النحو اتصلت حياتنا الأدبية بالآداب الغربية؛ بل أصبحت سلسلة من الاتصالات، وهي سلسلة أحكم حلقاتها الأولى هيكل وطه حسين والمازني والعقاد بما ترجموا ثم بما أنتجوا، فقد عُني كل منهم بأن يحدث نماذج أدبية مطابقة لنماذج الغربيين، ووجهوا عنايتهم إلى النموذج القصصي خاصة. وتبعهم الشباب الذي خضع في معيشته وتفكيره للحضارة الغربية ينوِّع في تأثره بنماذج الغربيين ويستحدث لنفسه نماذج جديدة في القصة والمسرحية وكل ما يلهج به الغرب من فنون على نحو ما هو معروف عند توفيق الحكيم ومحمود تيمور ونجيب محفوظ ويحيى حقي وغيرهم كثيرون ممن يجيدون هذا الفن القصصي إجادة رائعة.
وبلغ من جودة ما أنتج هؤلاء الأدباء أن أخذت قصصهم تترجم إلى اللغات الأجنبية؛ بل لقد أخذت بعض المسرحيات تترجم وتمثَّل على مسارح الغرب على نحو ما نعرف عن بعض مسرحيات الحكيم التي مثلت في النمسا وإيطاليا وفرنسا. فلم نعد نأخذ من الغرب فقط؛ بل أصبحنا نأخذ ونعطي، وأصبحنا نُقرأ في اللغات الأجنبية. وبذلك تم الاتصال بيننا وبين الغرب، فلم يعد أدبنا منعزلًا يعيش وحده؛ بل أصبح أدبًا عالميًّا إنسانيًّا، وأصبح يسمو إلى مرتبة الآداب العالمية الحية الكبرى. ومن ثم لا نكون مبالغين إذا قلنا: إن أدبنا المصري الحديث إنما يتم بمعناه الكامل بعد الحرب الأولى في هذا القرن. حقًّا سبقت مقدمات منذ أوائل القرن؛ ولكنها كانت خطوات في سبيل إيجاد هذا الأدب الذي تنوع في موضوعه كما تنوع في شكله وأساليبه.
وحتى الآن لم نتحدث عن الصحف وأثرها في هذا الأدب المصري الجديد، ومعروف أن الصحافة نشطت عندنا بعد الحرب الأولى من هذا القرن نشاطًا واسعًا، وكلما مضينا مع السنين ازداد هذا النشاط واتسع من جميع الجهات، فمن حيث النوع ظهرت صحف يومية كثيرة ومجلات أسبوعية وشهرية لا حصر