لم تعد مقاييسنا في النقد هي المقاييس القديمة، فقد تطورت حياتنا الأدبية تطورًا واسعًا بفضل هذه الجماعة المجددة التي أتقنت الآداب العربية والأجنبية، واشتقت لنفسها مُثلًا أدبية جديدة تلائم ذوقنا المصري وحياتنا الحديثة التي كادت أن تتغير تغيرًا تامًّا، فلم نعد نعيش كما كان يعيش أسلافنا لا في حياتنا المادية ولا في حياتنا السياسية والعقلية.
فقد أخذنا نرفع بقوة الحواجز التي كانت تفصلنا عن الغرب وحضارته، ولم نقف عند جوانب هذه الحضارة المعنوية؛ بل أخذنا نُقْبل قليلًا أو كثيرًا على جوانبها المادية، كلٌّ حسب قدرته وسَعَة يده. ولا نبالغ إذا قلنا: إنه لم يعد بين كثيرين من المصريين وبين الأوربيين؛ أي: فارق في المثل الأعلى للحياة المادية، فهم يعيشون على الطريقة الأوربية وما يشيع فيها من مرافق الحياة وأدوات زينتها ومظاهرها المختلفة. وطبعًا يصيب أهل المدن من ذلك أكثر مما يصيب أهل الريف؛ ولكن حتى هؤلاء يفيدون من تطور المواصلات ووسائلها الأوربية