2- حركة تحرر وانطلاق:

لا نمضي طويلًا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حتى تجتمع دوافع حقيقية لتحرر النثر وانفكاكه من قيوده الغليظة؛ فإن أمورًا كثيرة متشابكة جدت، وعملت مع أمور أخرى كانت مختفية وظهرت. وتناولت هذه الأمور أو هذه الأسباب عناصر حياتنا من جميع أنحائها وغيَّرتها تغييرًا تامًّا.

وكان أول ما حدث من ذلك نشوء الرأي العام، وظهور فكرة الوطنية، وشعور المصريين بحقوقهم السياسية المسلوبة، وقد رأيناهم يشعرون بهذه الحقوق في عهد محمد علي، ويحاول جاهدًا أن يميتها في نفوسهم؛ ولكنها لم تمت؛ بل ظلت مختفية إلى حين. وكان مما عمل على بقائها ونمائها دخول المصريين في جيش محمد علي، فكان هذا الجيش حين ينتصر في حرب يشعر المصريون بأنفسهم وبمصريتهم. وليس هذا فقط، فقد أخذوا يتعلمون ويفدون على أوربا في البعوث، فكانوا يرون حياة سياسية تخالف حياتهم، فالناس في فرنسا مثلًا لا يُحْكَمُون بفرد مستبد؛ بل يشتركون معه في الحكم وفي إدارة بلادهم. وقد كشف رفاعة في كتابه "تلخيص الإبريز في تلخيص باريز" عن الفروق بين الحياة السياسية هناك وبينها في مصر، وأشار إلى أن فرنسا تُحْكم بدستور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015