وكان قد تعرف في هذا الاحتفال على فتاة، قضى معها بعض نزهاته، فأثارت شاعريته، واندفع يتغنى بهذه القصيدة وبأختٍ تالية لها، وهما من أروع شعره؛ لما بث فيهما من لظى ولواعج فؤاده.
أما القسم الشرقي، فقد خصه بأحداث الشرق السياسية والقضايا الوطنية والعربية الإسلامية. وكان قبل هذا الديوان يلم أحيانًا بعيد الهجرة أو بالعرب كما في قصيدة طارق؛ ولكنه لم يوسع هاتين النغمتين الإسلامية والعربية، فقد كان مشغولًا بنفسه وبحبه وما يرى في الطبيعة المصرية والغربية من فتنة وجمال. أما في هذا الديوان فقد نزع إلى التخلص قليلًا من إحساساته وعواطفه؛ ليتحدث عن الوطن والجماعة العربية والإسلامية. وله في فلسطين وفوزي القاووقجي وعبد الكريم بطل المغرب وأندونيسيا شعر كثير. ومن أجمل قصائده "مصر"، وفيها يصور فساد الأحزاب السياسية وشيوخها القائمين عليها، كما نرى في قوله:
أحقا ما يقال؟ شيوخ جيل ... على أحقادهم فيه أكبوا
وكانوا الأمس أرسخ من جبال ... إذا ما زُلزلزت قمم وهُضْب
فما لهم وهت منهم حلوم ... لها بيد الهوى دفع وجذب
ونظن ظنًّا لو أن القدر مد في حياته لتحول تمامًا من صوته الأول الشخصي إلى هذا الصوت العام الذي يتغنى فيه أهواءنا وعواطفنا السياسية. ومن قصائده الذائعة في هذا المضمار قصيدته "نداء الفداء" التي يستصرخ فيها العرب لنجدة فلسطين:
أخي! جاوز الظالمون المدى ... فحَقَّ الجهادُ وحق الفدا
وقد غناها عبد الوهاب، وهي تدور اليوم على كل لسان. ولم نستشهد بقطع طويلة من شعره؛ ليتضح تجديده في الأوزان والقوافي، فقد كان يكثر من الرباعيات، وقصيدته الجندول مثال بيِّن لاستخدامه "فن الموشحات".
ومن الواجب أن نشير إلى أن مثله مثل ناجي، كان يفهم وَحْدَة القصيدة، وأنها بناء متناسق، لا نشاز فيه ولا اضطراب.