هي حانة شتى عجائبها ... معروشة بالزهر والقصب
في ظُلَّة باتت تداعبها ... أنفاس ليل مقمر السحب
وله قصيدة بديعة في طارق بن زياد فاتح الأندلس سماها "من قارة إلى قارة"، وقد صور فيها طموح هذا الفاتح العربي وظفره العظيم.
ونراه ينشر "أغنية الرياح الأربع" وهي أغنية فرعونية اكتشفها "دريتون" عام 1942 وترجمها إلى الفرنسية، فحاول علي محمود طه أن ينقلها إلى العربية في شعره الموسيقي الجميل، محاولًا أن يجعل منها عملًا تمثيليًّا؛ ومن ثم جعل لها بدءًا ونهاية كما جعلها تدور في شكل حوار بين أشخاص مختلفين تتخلله أجزاء من الغناء. ومن الحق أنه لم يستطع أن يحورها إلى مسرحية كاملة؛ إذ كان شاعرًا غنائيًّا ولم يكن شاعرًا مسرحيًّا؛ ومن ثم كان شعره لا يصلح للتمثيل؛ بسبب ما فيه من وفرة الموسيقى والغناء.
ويعود إلى مجاله الغنائي، فينشر في سنة 1945 ديوانه "الشوق العائد"، وفيه يتحدث عن بعض ذكرياته لرحلاته إلى أوربا قبل الحرب العالمية الثانية، ويخص جزيرة كابري في إيطاليا ويسميها جزيرة العشاق بقصيدة طريفة، كما يخص برلين التي نزل بها في سنة 1939 بقصيدة أخرى يسميها "بين الحب والحرب"، وفيها يأمل في غد مرتقب يحقق حلمه وحبه، ويخص موسوليني حين سقط بقصيدة طويلة. وأكثر شعره في هذا الديوان يصور روحه الإبيقورية المرحة، وكيف كان يقبل على متع الحياة وملذاتها، وهو القائل في أولى قصائده به:
حياتي قصة بدأت بكأس ... لها غنَّيْتُ وامرأة جميله
وآخر دواوينه "شرق وغرب" الذي نشره في سنة 1947، وهو كما يبدو من عنوانه موزع على الغرب والشرق. أما قسمه الغربي فنراه فيه يصدر عن نزعته الإبيقورية متحدثًا عن ذكرياته في أثناء رحلاته بأوربا. وقد استهله بقصيدة رائعة قالها على أثر احتفال بذكرى فاجنر الموسيقار المشهور، شاهده في سويسرا.