أثر كبير في نهضتنا الشعرية حينئذ؛ إذ أسس باسمها مجلة فتحتْ صدرها للشباب وغذتهم بآداب الغرب وآراء نقاده في الشعر والشعراء. وكانت مصر في هذه الأثناء تجتاز محنتها بصدقي؛ إذ كان يحكمها بالحديد والنار تسنده حراب الإنجليز الغاشمين، فانطوى شعراؤنا على أنفسهم متغنين بشعر رومانسي حزين، ويظهر أن كوارث مالية حَفَّت بأبي شادي، فرأيناه في بعض أشعاره يفزع إلى صدقي الجائر ومليكه الطاغية، وهي سقطة يشفع فيها لأبي شادي شعره الوطني الكثير الذي ناصر فيه أحرارنا وزعماءنا الشعبيين منذ مصطفى كامل.
ونمضي مع أبي شادي إلى سنة 1935، فتنفضُّ جمعية أبولو وتحتجب مجلتها، وقد أخرج من بعدها مجلتي "الإمام" و"أدبي" ولم يكتب النجاح لهما. ويظل في القاهرة إلى أن تنشأ جامعة الإسكندرية، فيختار أستاذًا "للبكتريولوجيا" بها. وتتوفَّى زوجه، وكأنه ضاق ذرعًا بالحياة بعدها في موطنه فيرحل في سنة 1946 إلى أمريكا. وهناك عاوده نشاطه، فاشترك في الأندية الأدبية، وحرر جريدة "الهدى" العربية، وعمل في "صوت أمريكا"، وأسس "جماعة منيرفا" على غرار جماعة أبولو، ونشر ديوانه "من السماء". وما وافاه القدر سنة 1955 حتى كان قد أعد للطبع أربعة دواوين؛ هي: "من أناشيد الحياة" و"النيروز الحر" و"الإنسان الجديد" و"إيزيس".
وحياة أبي شادي على هذا النحو مكتظة بالنشاط، فقد أسس -كما رأينا- جمعيات ومجلات مختلفة، وكتب مقالات أدبية وعلمية كثيرة، بالإضافة إلى ما كان يذيعه من محاضرات في أجوائنا الأدبية وأحاديث في "صوت أمريكا". وقد نقل إلى العربية من الإنجليزية غير قصيدة ومقطوعة، كما نقل رباعيات عمر الخيام وحافظ الشيرازي. ومن مصنفاته العلمية: "تربية النحل" و"أوليات النحالة" و"الطبيب والمعمل" و"إنهاض تربية النحل في مصر" و"مملكة الدجاج" و"مملكة العذارى في النحل وتربيته". ونُشر له بعد وفاته ثلاثة كتب؛ هي: "دراسات إسلامية" و"دراسات أدبية" و"شعراء العرب المعاصرون".