الأدب ينمي العقول
وللعقول سجيات وغرائز1، بها تقبل الأدب، وبالأدب تسمى العقول وتزكو.
فكما أن الحبة المدفونة في الأرض لا تقدر أن تخلع يبسها، وتظهر قوتها، وتطلع فوق الأرض بزعوتها وزيعها2، ونضرتها ونمائها، إلا بمعونة الماء الذي يغور إليها في مستودعها، فيذهب عنها أذى اليبس والموت، ويحدث لها بإذن الله القوة والحياة، فكذلك سليقة3 العقل مكنونة في مغرزها من القلب: لا قوة لها، ولا حياة بها، ولا منفعة عندها، حتى يعتملها4 الأدب، الذي هو ثمارها، وحياتها، ولقاحها.
وجل الأدب بالمنطق، وجل المنطق بالتعلم، ليس منه حرف من حروف معجمه، ولا اسم من أنواع أسمائه، إلا وهو مروي، متعلم، مأخوذ عن إمام سابق، من كلام أو كتاب.
وذلك دليل على أن الناس لم يبتدعوا أصولها، ولم يأتهم علمها إلا من قبل العليم الحكيم.
فإذا خرج الناس من أن يكون لهم عمل أصيل، وأن يقولوا قولا