التجارب والفطن.

وبلغ من اهتمامهم بذلك أن الرجل منهم كان يفتح له الباب من العلم, أو الكلمة من الصواب, وهو في البلد غير المأهول, فيكتبه على الصخور؛ مبادرة للأجل, وكراهية منه أن يسقط ذلك عمن بعده.

فكان صنيعهم في ذلك صنيع الوالد الشفيق على ولده3، الرحيم البرِّ بهم، الذي يجمع لهم الأموال, والعقد4؛ إرادة ألا تكون عليهم مؤونة في الطلب، وخشية عجزهم، إن هم طلبوا.

فمنتهى علم عالمنا في هذا الزمان أن يأخذ من علمهم، وغاية إحسان محسننا أن يقتدي بسيرتهم.

وأحسن ما يصيب من الحديث محدثنا أن ينظر في كتبهم, فيكون كأنه إياهم يحاور، ومنهم يستمع، وآثارهم يتبع, غير أن الذي نجد في كتبهم هو المنتخل6 من آرائهم, والمنتقى من أحاديثهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015