بماذا يستطاع السلطان:
لا يستطاع السلطان إلا بالوزراء والأعوان، ولا ينفع الوزراء إلا بالمودة والنصيحة، ولا المودة إلا مع الرأي والعفاف1.
وأعمال السلطان كثيرة, وقليل ما تستجمع الخصال المحمودة عند أحد، وإنما الوجه في ذلك, والسبيل الذي به يستقيم العمل, أن يكون صاحب السلطان عالِمًا بأمور من يريد الاستعانة به, وما عند كل رجل من الرأي والغناء، وما فيه من العيوب.
فإذا استقر ذلك عنده عن علمه وعلم من يأتمن, وجَّه لكل عمل من قد عرف أن عنده من الرأي والنجدة2 والأمانة ما يحتاج إليه فيه، وأن ما فيه من العيوب لا يضر بذلك، ويتحفظ من أن يوجه أحدًا وجهًا لا يحتاج فيه إلى مروءة، إن كانت عنده، ولا يأمن عيوبه, وما يكره منه.
ثم على الملوك، بعد ذلك، تعاهد عمالهم, وتفقد أمورهم، حتى لا يخفى عليهم إحسان محسن, ولا إساءة مسيء.
ثم عليهم، بعد ذلك، أن لا يتركوا محسنًا بغير جزاء, ولا يقروا مسيئًا ولا عاجزًا على الإساءة والعجز؛ فإنهم إن تركوا ذلك، تهاون المحسن، واجترأ المسيء، وفسد الأمر، وضاع العمل.