اعلم أنك ستسمع من جلسائك الرأي والحديث, تنكره وتستجفيه, وتستشنعه من المتحدث به عن نفسه أو غيره، فلا يكونن منك التكذيب, ولا التسخيف لشيء مما يأتي به جليسك.
ولا يجرِّئَنَّكَ على ذلك أن تقول: إنما حدَّث عن غيره، فإن كل مردود عليه, سيمتعض من الرد، وإن كان في القوم من تكره أن يستقر في قلبه ذلك القول؛ لخطإ تخاف أن يعقد عليه1، أو مضرة تخشاها على أحد, فإنك قادر على أن تنقض ذلك في ستر، فيكون ذلك أيسر للنقض, وأبعد للبغضة.
ثم اعلم أن البغضة خوف، وأن المودة أمن، فاستكثر من المودة صامتًا, فإن الصمت سيدعوها إليك, وإذا ناطقت, فناطق بالحسنى، فإن المنطق الحسن يزيد في وُدِّ الصديق, ويستل سخيمة الوغر2.
واعلم ان خفض الصوت, وسكون الريح, ومشي القصد3 من دواعي المودة، إذا لم يخالط ذلك بأوٌ4 ولا عجب, أما العجب فهو من دواعي المقت والشنآن.