من بعيد متلففة في ثيابها، فيصوَّر لها في قلبه الحسن والجمال, حتى تعلق بها نفسه من غير رؤية, ولا خبر مخبر، ثم لعله يهجم منها على أقبح القبح, وأدم الدمامة1، فلا يعظه ذلك, ولا يقطعه عن أمثالها, ولا يزال مشغوفًا بما لم يذق، حتى لو لم يبق في الأرض غير امرأة واحدة، لظن لها شأنًا غير شأن ما ذاق, وهذا هو الحمق, والشقاء, والسفه.

ومن لم يحمِ نفسه, ويظلفها, ويحلئها2 عن الطعام, والشراب, والنساء في بعض ساعات شهوته وقدرته، كان أيسر ما يصيبه من وبال ذلك انقطاع تلك اللذات عنه بخمود نار شهوته, وضعف حوامل3 جسده, وقل من تجده إلا مخادعًا لنفسه في أمر جسده عند الطعام والشراب والحمية والدواء، وفي أمر مروءته عند الأهواء والشهوات، وفي أمر دينه عند الريبة والشبهة والطمع.

كن متواضعا, سكوتًا, واحذر المراءاة:

إن استطعت أن تضع نفسك دون غايتك في كل مجلس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015