إنسان يتصرف لحل قضاياه الوجودية بدوافعه الروحية أكثر من وعيه العقلي المجرد1.
ويؤكد حقيقة لها أثرها في تركيب هذا البحث, هي أن هذه العقلية الجاهلية ذات الطابع البدائي في مواجهتها لظواهر الكون ومشكلات الحياة كانت تحقق النظرة الأسطورية التي ترى الأرواح حالة في كل مكان ومتلبسة كل جماد، وهي نظرة تجمع بين الأشياء والأحياء في وحدة وجودية شاملة؛ بحيث يغدو الإنسان البدائي فيها لا يتصور عالمه الطبيعي صامتًا, وإنما يتصوره حيًّا مدركًا، وبهذا يلتقي الأسطوري والشعري2.
والأسطورة أو النظرة الأسطورية توحد بين الدين والسحر والشعر, أو الفن بشكل عام. ويرى فريزر أن الإنسان الوثني القديم أراد السيطرة على الكون والأرواح الدنيا بالتماس العون من الأرواح العليا مستخدمًا هذه الوسائل الثلاث3.
وفي الجزء المتبقي من البحث يحاول الباحث أن يدرس المعنى بالصورة بالتقاط صور من الشعر الجاهلي تدخل في المجال الذي اختاره, وضمن المنهج الذي اختطه لنفسه, ومن الصور: "صورة الوشم الذي شبه به الطلل"4، ورأى أن صورة الوشم، الطلل لم تكن خارج الذات عندهم، وبذلك أمكن لهذه الصورة عندهم أن تحقق رمزًا عامًّا يرتبط فيه كل واحد بسبب قريب أو بعيد, وكان الطلل عند الجاهليين لحظة تنويرية في الزمن الوجودي للإنسان5.
وهناك مظهر شعوري آخر يدور حوله جدل, هل هو صورة أم لا. ذلك هو "الوصف الحسي الواسع"، لبعض الظواهر والموجودات التي كان لها تأثير آنذاك؛ كالمرأة والناقة والفرس والظبي والصحراء والمطر والشجرة. واكتفى الباحث بتتبع صورة الفرس6.