وهكذا فعناصر الشعر الأساسية: الصور والموسيقى والشعر المسيطر. والشعر كما يراه، ليس مرآة تعكس مظاهر الطبيعة, ولكنه مرآة تنعكس فيها روح العالم وجوهره العام1.
وفي مبحثه الثاني "الصورة الشعرية ومجالات الحياة عند زهير" اختار الباحث زهيرًا لما لهذا الشاعر من مكانة اجتماعية وفنية هامة في عصره.
أما مجالات الحياة التي عناها فهي مجموع العلاقات القائمة أو المحتملة بين الإنسان والمظاهر الوجودية كلها، وهو يراها موزّعة على الأنواع الخمسة التالية2: الإنسان - الحياة اليومية - الطبيعة - الحيوان - الثقافة.
وكان زهير يولي الحياة اليومية جلّ اهتمامه كما توحي بذلك صوره في ديوانه, وهذا التوزيع لم يأت مصادفة, ولكنه مشكّل من ارتباطات داخلية للأنا الشاعرة بالآخر "الكون أو الحياة والوجود"3.
واختار الباحث من من الحياة اليومية المظاهر التالية: الأطلال، والظعائن، والرحلة، ومشاهد الصيد، والحرب والسلاح، والسقاية، والخيمة "طبيعة السكنى"، وزينة القوم "الثياب والألبسة"، والنار، والحبل، والمال4.
وفي حصر الباحث الصور المتصلة بكل مظهر من هذه المظاهر، وحاول التغلغل إلى أعماق الظاهرة، ففي الطلل حاول أن يفتش عن العلاقة الداخلية بين المرأة والأطلال من خلال وظيفة كلٍّ منهما في الحياة الجاهلية5، ويرى أنه إذا كان المكان طرفًا ثابتًا في الأطلال يتلقى تحوّل الحال, ويسجل مظاهره, فإن الزمان طرف متحرك ينقل الأبعاد المختلفة والمتضادة لهذا الحدث المتحول6. أما الرحلة فيراها منهج حياة في ذلك العصر, ولكنها عند الشاعر وضع شعري يرتبط بشكل تأليفي تآلفي مع الظعائن والأطلال. وإن أهم ما يجب الالتفات إليه عند زهير في رحلته: