هؤلاء يتطوعون في الإذن على رسول الله في الأوقات التي كان يحب أن يخلو فيها بنفسه في المسجد أو في حجرة من حجرات أزواجه (?) .
وقد وجدت هناك وظيفة «أمين السر» ، وارتبطت بشكل كبير بالإدارة العليا للدولة ممثلة برسول الله صلّى الله عليه وسلم، وتشير روايات المصادر أن هذه الوظيفة كانت طيلة فترة الرسالة لحذيفة بن اليمان (ت 36 هـ) فيروي الترمذي (ت 279 هـ) : «أن حذيفة بن اليمان كان صاحب سر رسول الله صلّى الله عليه وسلم لقربه منه وثقته به وعلو منزلته عنده» (?) ، ومن هنا فقد انفرد حذيفة في معرفة كثير من الأسرار التي لم يعلمها غيره خاصة معرفة أسماء المنافقين وأخبارهم، ومعرفة أخبار الفتن التي تقع بين المسلمين (?) .
وكانت هناك وظائف إدارية ذات طبيعة إعلامية وهي وظيفة «الشعراء والخطباء» : فكان هؤلاء يذودون عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بألسنتهم، ويعيبون على قريش عبادتهم للأصنام، ويردون على شعراء المشركين وخطبائهم، وبذلك كانوا يمثلون بشعرهم حربا إعلامية شديدة التأثير في بيئة قبلية احتل الشعراء والبلغاء فيها مكانة خاصة.
وكان من أشهر هؤلاء حسان بن ثابت (ت 54 هـ) (?) وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يشجعه لما يشعر به من أهمية دوره في إبراز محاسن الإسلام، والذود عن حرماته، فيروي البخاري (ت 256 هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لحسان: «أهجوهم وروح القدس معك» (?) وفي رواية لمسلم (ت 261 هـ) : «يا حسان أجب عن رسول الله، اللهم أيّده بروح القدس» (?) ، وكان لشعر عبد الله بن رواحة (ت 8 هـ) (?) وكعب بن مالك (ت 50 هـ) دور كبير في المعارك المختلفة، فكانت مهمتهم أن يحرضوا المجاهدين على القتال، وأن يتصدّوا للمشركين وشعرائهم (?) .