تقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما من نبي إلا له وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض، فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل، وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر» «1» وقد يتبادر إلى الذهن أن الوزارة كوظيفة إدارية كانت معروفة في زمن الرسول صلّى الله عليه وسلم، ولكن يبدو أن ما ورد من روايات في ذلك لم تعد كونها معاني عامة لكلمة وزير المعروفة قديما، والتي وردت على لسان موسى عليه السّلام: وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (29) هارُونَ أَخِي [طه: 29، 30] «2» أما الوزارة كوظيفة إدارية ثابتة فنشأت فيما بعد، وتبلورت في زمن العباسيين «3» ، ولذا قال الحاكم (ت 405 هـ) عبارته الدقيقة: «كان أبو بكر.. مكان الوزير» «4» فهو يعمل عمل الوزير دون أن يسمى وزيرا، قال ابن خالدون (ت 808 هـ) :
«كان يشاور أصحابه، ويفاوضهم في مهماته العامة والخاصة، ويخص أبا بكر بخصوصيات أخرى، حتى كان العرب الذين عرفوا الدول وأحوالها من كسرى وقيصر والنجاشي يسمون أبا بكر وزيره، ولم يكن لفظ الوزير يعرف بين المسلمين لذهاب الملك بسذاجة الإسلام» «5» وبهذا المعنى كان أبو بكر يفوض عن النبي صلّى الله عليه وسلم في بعض القضايا، فقد روى البخاري (ت 256 هـ) أن امرأة أتت النبي صلّى الله عليه وسلم وطلبت أن تعود، فقال لها النبي صلّى الله عليه وسلم: «إن لم تجديني فأتي أبا بكر» «6» . ويفيد النص أن أبا بكر كان يفوض من قبل النبي صلّى الله عليه وسلم في تصريف شؤون الدولة وتلبية حاجات المواطنين.
لقد أشارت المصادر إلى مجموعة من الوظائف الإدارية المرتبطة برئيس الدولة (منها:
أن بعض المسلمين كان يعمل حاجبا لرسول الله) فكان يقوم هؤلاء بالإذن عليه في بعض الأوقات، وهناك إشارات تبين أن سفينة ورباح الأسود (من موالي رسول الله) وأنس بن مالك (ت 91 هـ) قاموا بهذه المهمة بتكليف من الرسول صلّى الله عليه وسلّم «7» . ولكن يلاحظ أن «الحجابة» هذه لم تكن لها مراسيم وأعراف أو أنظمة معقدة. بل كان