إلى إفناء الجماعة (?) المسلمة والقضاء عليها، عندها نعلم كم كانت هذه الخطة ناجحة في تجنب الوقوع في مثل هذه الإرباكات لدعوة ما زالت وليدة لم تعمق جذورها في الأرض ولم تخرج فروعها في السماء.
لقد تعرض المؤمنون لأشد أنواع الابتلاء والأذى، وكان ذلك مدعاة إلى أن يشكوا أمرهم إلى رسول الله غير مرة، فيروي لنا البخاري (ت 256 هـ) شكوى خباب بن الأرت (ت 37 هـ) (?) ، ويروي لنا النّسائي (ت 303 هـ) بعض هذه الشكاوى حين قال هؤلاء لرسول الله: «إنّا كنّا في عز ونحن مشركون، فلما آمنّا صرنا أذلة، فقال:
إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا» (?) .
لقد كانت المعارضة المكية تصدر- في غالبها- عن أناس كانوا يتنافسون دائما مع بني هاشم على الوظائف الإدارية في مكة؛ ولم تكن تصدر عن عقيدة واقتناع، وإلى ذلك دل قول أبي جهل (ت 2 هـ) الذي يرويه ابن إسحاق (ت 151 هـ) : «قال:
تنازعنا وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا (?) على الركب، وكنّا كفرسي رهان قالوا: منّا نبي يأتيه الوحي من السماء، متى ندرك مثل ذلك؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه» (?) .
ضاقت مكة بدعوة النبي صلّى الله عليه وسلم، واشتد الأمر على المستنصفين من المؤمنين (?) فتحرك النبي صلّى الله عليه وسلم لحماية أصحابه في عدة محاور، فوجه بعض الأغنياء من الصحابة لشراء بعض هؤلاء العبيد المستضعفين وإعتاقهم، وبالفعل فقد أعتق أبو بكر الصديق (ت 13 هـ) واحده سبعة من هؤلاء (?) ، وكانت هناك محاولات لحماية المؤمنين عن طريق دخولهم