لم يكن في الجاهلية نظام قضائي محدد، بل كانت الأعراف والعادات والتقاليد تشكل المصدر الرئيسي الذي يعتمد عليه العرب في حل ما يطرأ من مشكلات وما يقع من خصومات (?) .
وعندما جاء الإسلام أمر الله سبحانه وتعالى نبيّه صلّى الله عليه وسلم أن يحكم بين الناس بما أنزل الله من أحكام في أمور الدين والدنيا، وجاء ذلك في الايات الكريمة: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ ... [المائدة: 49] (?) ، وقوله: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ ... [النساء: 105] (?) ومن هذه الايات استمد النبي صلّى الله عليه وسلم سلطته القضائية، وبدأت ترتسم معالم النظام القضائي الجديد للدولة الإسلامية.
لقد ألزم النظام القضائي الجديد المتخاصمين بقبول حكم النبي صلّى الله عليه وسلم، فلم يعد الأمر قبولا من الطرفين بالتحكيم- كما كان الأمر في الجاهلية- يتضح هذا من الاية الكريمة: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء: 65] (?) ، بذلك أصبح هذا النظام محددا وله سلطاته التشريعية والتنفيذية.
كان المسلمون ابتداء إذا عرض لهم حادث أو حصل بينهم خلاف رجعوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم لمعرفة حكم الإسلام فيجيبهم إما بنص القران وإما بقوله وأفعاله بناء على اجتهاده، ولقد تأكد الرجوع إلى النبي صلّى الله عليه وسلم بنص الصحيفة التي كتبها النبي صلّى الله عليه وسلم بين