الرسول صلّى الله عليه وسلم: «لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاثبتوا واذكروا الله، فإن اجتمعوا وصاحوا فيكم فعليكم بالصمت» (?) ؛ ولهذا فقد قال عمير بن وهب لأصحابه يوم بدر: «أما ترونهم خرسا يتلمّظون تلمظ الحيّات» (?) وتتضح حكمة ذلك من قول ابن العربي (ت 543 هـ) : «ولعل ذلك أن كثرة الصوت اللفظي والصراخ مكروهة؛ لأن التصويت في ذلك الوقت ربما يكون مشعرا بالفزع والفشل، وفيه دليل على الثبات ورباط الجأش» (?) .
أما في حالة الانتصار فكان الرسول صلّى الله عليه وسلم يبعث مجموعة من الخيالة لاتباع فلول العدو، فذكر الواقدي (ت 207 هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم بعث في غزوة الفتح نفرا من أصحابه على الطلب فبعث خالد بن الوليد على وجه، وعمرو بن العاص على وجه، وبعث أبا عامر الأشعري إلى عسكر بأوطاس (?) ، وكذلك فعل الرسول صلّى الله عليه وسلم في حنين عقد لأبي عامر الأشعري على خيل الطلب، وأمره أن يطلب فلول المشركين حيث انهزمت (?) .
وأخيرا فإن للقتال عند المسلمين ادابا حرصوا عليها، فقد حرّم الإسلام قتل من لا يقدر على القتال من عدوهم، فقد أوصى الرسول صلّى الله عليه وسلم قوّاده بقوله: «ولا تقتلوا وليدا» (?) ، ذكر ابن عمر (ت 73 هـ) أن الرسول صلّى الله عليه وسلم وجد امرأة مقتولة في بعض مغازيه فأنكر فعل ذلك (?) ، وكان يقول: «ولا تقتلوا وليدا أو امرأة ... » (?) ،
وأوصى النبي صلّى الله عليه وسلم أصحابه بعدم الغدر « ... ولا تغدروا ... » (?) ، وعدم المثلة «.. ولا تمثّلوا ... » (?) ، وعدم الاعتداء على الأرض أو العاملين فيها إلا إذا كانت الأرض تزود الأعداء بالمؤن، فقال: «لا تقتلوا ذرية ولا عسيفا» (?) ، وقام