ولقد كان النبي صلّى الله عليه وسلم يوجه جنده إلى أساليب القتال فقال لهم يوم بدر: «إذا أكثبوكم فارموهم بالنبل ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم» (?) وكان يقول: «إذا جاؤوكم يزحفون ويصيحون فعليكم الأرض جلوسا ثم قولوا: اللهم أنت ربنا وربهم ونواصينا ونواصيهم بيدك فإذا غشوكم فثوروا في وجوههم» (?) .
وقد يتفق أميرا الجيشين المتنازعين على أن المبارزة تحسم النزاع وتحقن دماء الناس، وإذا لم تحقن المبارزة دماء الفريقين بيدأ التزاحف ويلتقي الجيشان كما حصل في بدر (?) وأحد (?) ، وعند اقتراب المهاجمين من صفوف المسلمين تستخدم الرماح وعند الالتحام يفضي المقاتلة إلى السيوف (?) ، فقد أوصى النبي صلّى الله عليه وسلم في بدر أصحابه «إذا أكثبوكم فارموهم ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم» (?) وطبق المسلمون ذلك بدقة، يقول أحد الصحابة: «فرأيت أصحاب رسول الله يوم بدر لا يسلّون السيوف وقد انتضوا القسي وقد تترس بعضهم عن بعض بصفوف متقاربة لا فرج بينها، والاخرون قد سلّوا السيوف حين طلعوا، فعجبت من ذلك فسألت أحد المهاجرين بعد ذلك فقال: أمرنا رسول الله ألّا نسلّ السيوف حتى يغشونا» (?) .
وكانت أحب أوقات اللقاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أول النهار، فإن لم يقاتل أول النهار أخر ذلك إلى وقت الزوال حتى يحل وقت الصلاة وتهب الرياح ويدعو المسلمون (?) .
وعن أنس بن مالك (ت 91 هـ) قال: «كان رسول الله إذا غزا قوما لم يغر عليهم حتى يصبح، فإن سمع أذانا أمسك، وإن لم يسمع أذانا أغار» (?) ، وعندما غزا النبي صلّى الله عليه وسلم خيبر لم يغر عليهم حتى أصبح (?) ، وكان من جملة وصايا القادة للمقاتلة أن يلزموا الصمت عند احتدام المعارك، فقد ذكر عبد الله بن عمر (ت 73 هـ) قول