فلقيه عمر بن الخطاب، فقال: كيف تصنع هذا وقد وليت أمر المسلمين؟، قال: فمن أين أطعم عيالي؟، قال: انطلق يفرض لك أبو عبيدة عامر بن الجراح..» (?) ويمكن القول من خلال مجموعة من النصوص السابقة: إنه لم يكن هناك وظيفة ثابتة تسمى «أمين بيت المال» لشخص معين، وإن كان تولاها بشكل كبير بتكليف من النبي صلّى الله عليه وسلم كل من بلال بن رباح وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح.
وذكر أبو داود (ت 275 هـ) أنه كان للنبي (وكيل على أموال خيبر يحافظ عليها، ويعطي فيها بأمر الدولة، فقد ذكر قول جابر بن عبد الله (ت 74 هـ) الذي جاء فيه: «أردت الخروج إلى خيبر فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا، فإن ابتغى منك اية، فضع يدك على ترقوته» (?) .
وهذا يفيد بوجود علاقة سرية بين رسول صلّى الله عليه وسلم وبين وكيله (?) ، مما يدل على الدقة المتبعة في إدارة المال والمحافظة عليه، وتوثيق المصروفات التي يقوم بها الوكيل بأمر الرسول صلّى الله عليه وسلم وكانت «الأنعام» تشكل جزا من الإيرادات العينية تؤخذ صدقة أو فيئا أو خمسا، فكانت تجمع في مكان خاص، ويقوم الرسول صلّى الله عليه وسلم بإحصائها ووسم ما للصدقة منها؛ لتميزه عن غيره، يتضح هذا مما رواه البخاري (ت 256 هـ) عن أنس بن مالك (ت 91 هـ) قال: «غدوت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم.... فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة» (?) .
وكانت هذا الأنعام تمكث فترة معينة قبل قسمتها، وهذا يتطلب أن يهيئ لها مساحات واسعة لمعيشتها ورعيها، فظهر نتيجة لذلك ما يسمى «بالحمى» ، فحمى النبي صلّى الله عليه وسلم أرض النقيع (?) ، فكانت ترعى فيه الإبل والخيل المعدة للغزو في سبيل الله (?) .
لقد راعت الدولة في «الحمى» ألايؤدي إلى التضييق على إبل المسلمين