الفصل الرابع الإدارة المالية
كانت الأموال التي ترد إلى بيت المال في عصر الرسول صلّى الله عليه وسلم إما نقدية (ذهب، فضة، دينار، درهم) ، وإما عينية (مزروعات، ثمار، حيوانات) . ولكل صنف من هذه الأصناف مكان خاص تحفظ به.
فأما «الأصول النقدية» فكانت تحفظ في بيت النبي صلّى الله عليه وسلم أو بيوت أصحابه، وتولى بعض الصحابة وظيفة حفظ هذه الأموال وكتابتها، فيذكر المسعودي (ت 345 هـ) أن الزبير بن العوام (ت 36 هـ) ، وجهيم بن الصلت كانا يكتبان أموال الصدقات (?) ، وقد حض الإسلام بشكل كبير على التوثيق، والكتابة في الأموال الخاصة «كالدين» (?) وهذا ينطبق بشكل أكثر أهمية على أموال الدولة العامة، ويتضح هذا من إشارة الجهشياري (ت 331 هـ) إلى أن حنظلة بن الربيع كاتب رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يقوم بحفظ وتسجيل ما يرد إلى بيت المال من واردات، ثم يرفع تقريره عن محتويات بيت المال في مدة أقصاها ثلاثة أيام، فيقوم النبي صلّى الله عليه وسلم بتوزيعها «فلا يبيت وعنده شيء عنه» (?) ويذكر البخاري (ت 256 هـ) في هذا الصدد أن النبي صلّى الله عليه وسلم صلى العصر ثم أسرع فدخل بيته، فلما سئل عن سبب ذلك قال: «كنت خلفت في البيت تبرا من الصدقة، فكرهت أن أبيته فقسمته» (?) ، ويذكر مسلم (ت 261 هـ) أن قوما من مضر أتو النبي صلّى الله عليه وسلم فتمعر وجهه لما رأى بهم من الفاقة، فدخل بيته فلم يجد شيئا، ثم خطب الناس فطلب منهم التبرع لسد حاجتهم (?) .
وتشير المصادر إلى أن توزيع الأموال لم يكن له موعد ثابت، فروى البخاري (ت 256 هـ) : «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتي بمال من البحرين- ثماني مائة ألف