لقد أراد النبي صلّى الله عليه وسلم بهذه المعاهدات أن يربط هذه القبائل مع الدولة الجديدة، وهي إجراات ضرورية لحماية القوات الإسلامية في صراعها مع الروم الذي ظهرت أول أماراته في معركة مؤتة (8 هـ) ، وهذا يبين أن صورة العالم الذي ستجري عليه الحوادث المقبلة كانت واضحة في ذهن الرسول صلّى الله عليه وسلم (?) .
ويتبين من خلال هذا العرض لمعاهدات الرسول صلّى الله عليه وسلم مع القبائل أو رجالها أن أهم ما كان يقدمه لهم هو «الحماية» ، وأهم ما يطلبه هو «الطاعة» ، وترك القبائل تسير حسب نظمها القديمة على ألاتمس سيادة الإسلام، وربما كان انشغال الرسول صلّى الله عليه وسلم بالقضايا الكثيرة التي واجهته بعد فتح مكة (8 هـ) جعلته ينصرف عن العمل على تبديل شكل الهيكل الإداري، ذلك الانصراف الذي أدى إلى قلة الشكاوى والمشاكل التي واجهها (?) ؛ إذ لم يرسل النبي صلّى الله عليه وسلم لهذه القبائل من رجال إدارته إلا بعض عمال الصدقات الذين أرسلوا من مركز الدولة في المدينة المنورة.