تبليغ الدعوة، وتعليم الناس كانت مبررا للتضحية بمثل هذا العدد من المعلمين والقراء.
وشمل التعليم جميع فئات الأمة، فيذكر ابن حجر (ت 852 هـ) : «أن النبي صلّى الله عليه وسلم في أثناء حصاره للطائف نزل إليه إبراهيم بن جابر- وكان من العبيد- فأعتقه وبعثه إلى أسيد ابن خضير (ت 20 هـ) - وكان من المعلمين- وأمره أن يمولاه ويعلمه» (?) ، وكذلك نزل الأزرق بن الحارث فأعتقه وسلمه لخالد بن سعيد بن العاص ليمولاه ويعلمه (?) .
وفي الأمصار كان الولاة يقومون بتعليم الناس، ففي كتابه إلى عمرو بن حزم (ت 51 هـ) واليه على نجران قال: «أمره أن يفقههم في الدين ويعلمهم القران» (?) وعين النبي صلّى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد (ت 13 هـ) واليا على مكة، ومعاذ بن جبل (ت 19 هـ) مقرئا ومعلما (?) ، وبعث النبي صلّى الله عليه وسلم أبا هريرة مع العلاء بن الحضرمي (ت 14 هـ) إلى البحرين يعلم الناس الإسلام، ويفقههم في أحكامه (?) .
كان التعليم يتم في عدة أماكن، فالمسجد ابتداء كان يقوم بدور كبير في هذا الباب، فهو يعدّ من أكثر الأماكن التي يمكن للمسلمين أن يجتمعوا فيها للتعلّم، وهناك مناسبات أوجدها الإسلام لذلك، منها: خطبة الجمعة والعيدين وغيرها من المناسبات.
وكان «الكتّاب» معروفا في الحجاز، ويشير البخاري (ت 256 هـ) إلى ذلك بقوله: «إن أم سلمة بعثت إلى معلم الكتاب أن ابعث إليّ غلمانا» (?) وتشعر ترجمة البخاري لعبد الله بن عمر في الأدب المفرد بذلك حيث قال: «إن ابن عمر كان يسلم على الصبيان في الكتّاب» (?) وتذكر بعض المصادر أن عبد الله بن أم مكتوم عندما قدم المدينة نزل في «دار القراء» ، وهي دار مخرمة بن نوفل (?) ، وهذا يوضح أن هذه الدار