لهجة من أبي ذر (?) » إلا أنه مع ذلك رفض طلبه في توليته أمرا إداريّا لا يتناسب مع صفات أبي ذر، فعبر له عن ذلك مبديا له ضعفه دون حرج.
ولعل من الأمور الواضحة البينة في هذا المجال ما أشار إليه البخاري (ت 256 هـ) في روايته عن أبي موسى الأشعري (ت 52 هـ) حيث قال: «دخلت على النبي صلّى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحد الرجلين: أمّرنا يا رسول الله، وقال الاخر مثله، فقال: «إنّا لا نولي هذا العمل أحدا سأله ولا أحدا حرص عليه» (?) ؛ وذلك لأن الولايات أمانة والتسرع إلى تحمل الأمانة خيانة؛ لأنه لا يطلبها إلا طامع فيها، متطلّع إلى مكسب مادي أو معنوي.
ولقد وجه النبي صلّى الله عليه وسلم أصحابه إلى عدم التسرّع في طلب الإمارة فيشير البخاري (ت 256 هـ) إلى قول الرسول صلّى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة (ت 51 هـ) :
«يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها» (?) .
وحذّر النبي صلّى الله عليه وسلم من تولية غير الكفؤ في إدارة من الإدارات فقال: «ما من عبد يسترعيه الله رعية ثم يموت يوم يموت وهو غاشّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» (?) ، وفي رواية لمسلم (ت 261 هـ) : «ما من أمير يلي أمر المسلمين، ثم لا يجتهد لهم، وينصح، إلّا لم يدخل معهم الجنة» (?) . ولا يفهم من ذلك أن يبتعد أصحاب الكفاات عن تولي إدارات الدولة المختلفة فقد سمع النبي صلّى الله عليه وسلم رجلا يقول: بئس الشيء الإمارة، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «نعم الشيء الإمارة لمن أخذها بحقّها، وبئس الشيء الإمارة لمن أخذها بغير حقها وحلّها» (?) ، وجعل النبي صلّى الله عليه وسلم للإمام العادل منزلة رفيعة عند الله يوم القيامة فقال: