وقال: طالب الدنيا لا يخلو من الحزن في حالين. حزن على ما فاته كيف لم ينله, وحزن على ما ناله يخاف أن يسلبه.
وعيره رجل بجنسه. فقال له سقراط: إن كان جنسي عارا علي فإنك عار على جنسك.
وقيل له: ذكرت لفلان فلم يعرفك. فقال: لا يجهلني إلا ساقط.
وقيل له: إن الكلام الذي قلته لمدينة كذا لم يقبلوه. لا يلزمني أن يقبل وإنما يلزمني أن يكون صوابا.
وقال بزرجمهر الشدائد قبل المواهب بمنزلة الجوع قبل الطعام, يحسن به موقعه ويلذ معه تناوله.
وقال: أفره ما يكون من الدواب, لا غنى به عن السوط, وأعقل ما يكون من الرجال, لا غنى به عن المشاورة, وأعف ما يكون من النساء لا غنى بها عن الزوج.
وقيل له: ما المروءة؟ قال: ترك ما لا يعني. قيل فما الحزم؟ قال: انتهاز الفرصة. قيل فما الحلم؟ قال: العفو عند المقدرة. قيل فما الشدة؟ قال: ملك الغضب. قيل: فما الخرف؟ قال: حب مفرط أو بغض مفرط.
وقال نصر بن سيار كل شيء يبدو صغيرا ثم يكبر, إلا المصيبة فإنها تبدو كبيرة ثم تصغر. وكل شيء إذا كثر رخص, إلا الأدب فإنه إذا كثر غلا.
وقال الإسكندر: لا تستخفن بالرأي الجليل يأتيك به الرجل الحقير, فإن الدرة الرائعة لا تستهان لهوان غائصها.
وقيل له _وهو عازم على حرب دارا الأكبر_: إن دارا في ثمانين ألفا. فقال: إن القصاب لا يهوله كثرة الغنم. ولاموه على مباشرة الحرب بنفسه. ليس من العدل أن يقاتل عني ولا أقاتل عن نفسي.
وقيل له: ما بال تعظيمك لمؤدبك أكثر من تعظيمك لأبيك؟ فقال: إن أبي سبب الحياة الفانية, ومؤدبي سبب الحياة الباقية.
وقال: اتقوا صولة الكريم إذا جاع, واللئيم إذا شبع.
وقيل لبعضهم: أتحب أن تخبر بعيوبك. فقال: أما من ناصح فنعم. وأما من موبخ فلا.
وقال خالد بن برمك التعزية بعد ثلاث تجديد للمصيبة, والتهنئة بعد ثلاث استخفاف بالمودة.
وقال يحيى بن خالد: إذا أحببت إنسانا بغير سبب, فارج خيره, وإذا أبغضت إنسانا بغير سبب فتوق شره.
وقال: خير الناس حالا في النعمة من استدام نعيمها بالشكر, واسترجع نافرها بالصبر.
وقال: رأيت السارق ينزع, وشارب الخمر يقلع. وصاحب الفواحش يرجع, ولم أر كاذبا قط صار صادقا.
وقال له رجل: إن أمنت الدهر أن يرفعني إلى مرتبتك, فلا تأمنه أن يحطك إلى منزلتي؛ فارتاع يحيى من قوله وقضى حاجته.
وقال جعفر لابنه: شر المال ما لزمك الإثم في كسبه, وحرمت الأجر في إنفاقه.
وقال بعض ملوك الهند: المسيء لا يظن بالناس إلا سوءا, لأنه يراهم بعين طبعه.
وقال: ينبغي للعاقل إذا أصبح, أن ينظر وجهه في المرآة, فإن رآه حسنا لم يشنه بقبيح. وإن رآه قبيحا, لم يجمع بين قبيحين.
وقال آخر مثل الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به, كمثل أعمى بيده سراج يستضيء به غيره وهو لا يراه.
وقيل لبعض الحكماء: ما الصدق؟ فقال: هو اسم على غير معنى, وحيوان غير موجود.
وقال آخر: أطول الناس سفرا, من كان في طلب صديق يرضاه.
وقال آخر لولا أن بين المحبوبات عوارض من المكاره, لما استعذب مذاقها ولا حسن موقعها.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: قال لي أبي يا بني: لا تردن على أحد خطأ؛ فإنه يستفيد منك علما ويتخذك عدوا.
وقال آخر: مغضب القادر عليه كمجرب السم في نفسه, إن هلك فقتيل حق, وإن نجي فطليق حمق.
وقال آخر: أعداء المرء في بعض الأوقات, ربما كانوا له أنفع من أصدقائه. لأنهم يهدون إليه عيوبه فيتجنبها, ويخاف شماتتهم فيضبط نعمته.
وقال آخر: خير من الحياة, ما لا تطيب الحياة إلا به, وشر من الموت ما يتمنى الموت من أجله.
وكان الحسن البصري يقول: اللهم أنزلت بلاء, فأنزل صبراً. ووهبت عافية, فهب شكرا.
وقال أعرابي لعبد الله بن جعفر: لا ابتلاك الله بمصيبة يعجز عنها صبرك, وأنعم عليك نعمة يعجز عنها شكرك.
وقال بعض الحكماء إياك والعجلة, فإنه مكسبة للمذلة, مجلبة للندامة, منفرة لأهل الثقة, مانعة من سداد الروية.
وقيل لبعضهم: لم لا يجتمع الحكمة والمال؟ قال: لعزة الكمال.
وقال آخر: ليس من شأن الحكيم بذل الحكمة لكل أحد, لأنها بمنزلة ضوء الشمس الذي هو نافع للأبصار الصحيحة, مضر بالأبصار الرمدة.