فَيَكُونَ كَافِرًا، كَذَا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْد جَمَاهِيرِ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا أَوْجَبَهُ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ انْتَهَى كَلَامه.
وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِهِ فَاتِحَة الْعِلْم: أَنَّ عِلْمَ الطِّبِّ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَإِنَّهُ لَا يَجُوز تَرْكُ الْمُدَاوَاةِ، وَقَدْ قَالَ حَرْمَلَةُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: شَيْئَانِ أَغْفَلَهُمَا النَّاسُ: الْعَرَبِيَّةُ وَالطِّبُّ.
وَقَالَ الرَّبِيعُ: سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُول: الْعِلْمُ عِلْمَانِ: عِلْمُ الْأَدْيَانِ، وَعِلْمُ الْأَبَدَانِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجِب عَلَيْهِ أَوْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُدَافِعَ عَنْ نَفْسِهِ إذَا أُرِيدَتْ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هُنَاكَ يَتَحَقَّقُ إحْيَاءُ نَفْسِهِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ هَذَا.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هُوَ وَاجِبٌ، زَادَ فِي الرِّعَايَةِ إنْ ظَنَّ نَفْعَهُ. قَالَ الْقَاضِي: رَوَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ الطِّبِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثُرَتْ أَسَقَامُهُ فَكَانَ يَقْدُمُ عَلَيْهِ أَطِبَّاءُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَيَصِفُونَ لَهُ فَنُعَالِجُهُ» . وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ:
أَنَّ عُرْوَةَ كَانَ يَقُولُ لِعَائِشَةَ: " يَا أُمَّتَاهُ لَا أَعْجَبُ مِنْ فِقْهِكَ، أَقُولُ: زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ وَلَا أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالشِّعْرِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، أَقُولُ: ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ أَوْ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ، وَلَكِنْ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالطِّبِّ كَيْفَ هُوَ وَمِنْ أَيْنَ هُوَ قَالَ: فَضَرَبَتْ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَقَالَتْ: أَيْ عُرَيَّةُ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْقَمُ عِنْدَ آخِرِ عُمْرِهِ، وَكَانَتْ تَقْدَمُ عَلَيْهِ وُفُودُ الْعَرَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَكَانَتْ تُنْعَتُ لَهُ الْأَنْعَاتُ وَكُنْتُ أُعَالِجُهَا؛ فَمِنْ ثَمَّ عَلِمْتُ» .
وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ وَسَعِيدٌ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَن جَيِّد عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ اكْتَوَى مِنْ اللَّقْوَةِ، وَاسْتَرْقَى مِنْ الْحَيَّةِ. وَاللَّقْوَةُ: مَرَضٌ يَعْرِض لِلْوَجْهِ فَيَمِيلهُ إلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْوَاسِطِي ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونِ أَنْبَأَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -