تَوَاضَعْ لِلْحَقِّ تَكُنْ أَعْقَلَ النَّاسِ وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ الَّذِي يَقُولُ الْحَقَّ وَيَفْعَلُهُ بِأَفْضَلَ مِنْ الَّذِي يَسْمَعُهُ فَيَقْبَلُهُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْفَلَاسِفَةِ إذَا نَسُكَ الشَّرِيفُ تَوَاضَعَ، وَإِذَا نَسُكَ الْوَضِيعُ تَكَبَّرَ وَقَالَ بَعْضُ الْفَلَاسِفَةِ أَظْلَمُ النَّاسِ لِنَفْسِهِ مَنْ تَوَاضَعَ لِمَنْ لَا يُكْرِمُهُ، وَرَغِبَ فِيمَنْ يُبْعِدُهُ.
وَقَالَ بَزَرْجَمْهَرْ: وَجَدْنَا التَّوَاضُعَ مَعَ الْجَهْلِ وَالْبُخْلِ أَحْمَدَ مِنْ الْكِبْرِ مَعَ الْأَدَبِ وَالسَّخَاءِ وَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ لِلرَّشِيدِ تَوَاضُعُك فِي شَرَفِك أَشْرَفُ مِنْ شَرَفِك.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُعْجِبَنَّكُمْ إيمَانُ الرَّجُلِ حَتَّى تَعْلَمُوا مَا عُقْدَةُ عَقْلِهِ» وَهَذَا الْخَبَرُ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ مَذْكُورٌ فِي تَرْجَمَتِهِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فِي صُحُفِ مُوسَى وَحِكْمَةِ دَاوُد حَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَرْبَعُ سَاعَاتٍ، سَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يَقْضِي فِيهَا إلَى إخْوَانِهِ الَّذِينَ يُخْبِرُونَهُ بِعُيُوبِهِ وَيُصَدِّقُونَ عَنْ نَفْسِهِ، وَسَاعَةٌ يُخَلِّي فِيهَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَلَذَّاتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ، فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ عَوْنٌ لَهُ قَالَ وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِزَمَانِهِ مَالِكًا لِلِسَانِهِ، مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ» .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَوْحَى اللَّهُ إلَى مُوسَى أَتَدْرِي لِمَ رَزَقْت الْأَحْمَقَ قَالَ: لَا قَالَ: لِيَعْلَمَ الْعَاقِلُ أَنَّ الرِّزْقَ لَيْسَ بِاحْتِيَالٍ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثَلَاثٌ مَنْ حُرِمَهُنَّ فَقَدْ حُرِمَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ عَقْلٌ يُدَارِي بِهِ النَّاسَ، وَحِلْمٌ يُدَارِي بِهِ السَّفِيهَ، وَوَرَعٌ يَحْجِزُهُ عَنْ الْمَحَارِمِ» .
افْتَخَرَ رَجُلَانِ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: أَتَفْتَخِرَانِ بِأَجْسَادٍ بَالِيَةٍ، وَأَرْوَاحٍ فِي النَّارِ؟ إنْ يَكُنْ لَكُمَا عَمَلٌ فَلَكُمَا أَصْلٌ، وَإِنْ يَكُنْ لَكُمَا خُلُقٌ فَلَكُمَا شَرَفٌ، وَإِنْ يَكُنْ لَكُمَا تَقْوَى فَلَكُمَا كَرَمٌ وَإِلَّا فَالْحِمَارُ خَيْرٌ مِنْكُمَا وَلَسْتُمَا خَيْرًا مِنْ أَحَدٍ. وَقَالَ أَيْضًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْعَاقِلُ الَّذِي لَمْ يَحْرِمْهُ نَصِيبُهُ مِنْ الدُّنْيَا حَظَّهُ مِنْ الْآخِرَةِ. وَقَالَ أَيْضًا فِي وَصِيَّتِهِ لِابْنِهِ: لَا مَالَ أَعْوَدُ مِنْ