لَا هَذَا وَلَا هَذَا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» وَيَأْتِي فِي أَحَادِيثِ اللِّبَاسِ أَوَاخِرَ الْكِتَابِ «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى مَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَرًا» .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ يَا عَجَبًا مِنْ الْمُخْتَالِ الْفَخُورِ الَّذِي خُلِقَ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ يَصِيرُ جِيفَةً لَا يَدْرِي بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُفْعَلُ بِهِ وَقِيلَ لِعِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - طُوبَى لِبَطْنٍ حَمَلَك، فَقَالَ طُوبَى لِمَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ كِتَابَهُ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ كَيْفَ يَتِيهُ مَنْ أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ، وَآخِرُهُ جِيفَةٌ قَذِرَةٌ، وَهُوَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ يَحْمِلُ الْعَذِرَةَ.

وَقَالَ مَنْصُورُ:

تَتِيهُ وَجِسْمُك مِنْ نُطْفَةٍ ... وَأَنْتَ وِعَاءٌ لِمَا تَعْلَمُ

وَكَانَ يَقُولُ لَوْلَا ثَلَاثٌ سَلِمَ النَّاسُ، شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ.

وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ الذَّنْبَ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ الْعُجْبِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا اُبْتُلِيَ مُؤْمِنٌ بِذَنْبٍ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وَمَنْ أَمِنَ الْآفَاتِ عَجَبًا بِرَأْيِهِ ... أَحَاطَتْ بِهِ الْآفَاتُ مِنْ حَيْثُ يَجْهَلُ

وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا حَسَبَ إلَّا فِي التَّوَاضُعِ، وَلَا نَسَبَ إلَّا بِالتَّقْوَى، وَلَا عَمَلَ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَلَا عِبَادَةَ إلَّا بِالْيَقِينِ» وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَلْيَطْلُبْ بِالتَّوَاضُعِ شُكْرَهَا» وَإِنَّهُ لَا يَكُونُ شَكُورًا حَتَّى يَكُونَ مُتَوَاضِعًا.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إنَّ مِنْ التَّوَاضُعِ الرِّضَا بِالدُّونِ مِنْ شَرَفِ الْمَجْلِسِ، وَأَنْ تُسَلِّمَ عَلَى مَنْ لَقِيت وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ التَّعَزُّزُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ تَوَاضُعٌ. كَانَ يُقَالُ الْغِنَى فِي النَّفْسِ، وَالْكَرَمُ فِي التَّقْوَى، وَالشَّرَفُ فِي التَّوَاضُعِ وَكَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - يَجِيءُ إلَى أَوْضَعِ مَجَالِسِ بَنِي إسْرَائِيلَ وَيَقُولُ مِسْكِينٌ بَيْنَ ظَهْرَانِي مَسَاكِينَ وَكَانَ يُقَالُ ثَمَرَةُ الْقَنَاعَةِ الرَّاحَةُ، وَثَمَرَةُ التَّوَاضُعِ الْمَحَبَّةُ.

وَقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015