وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَالُوا مَنْ صَبَرَ عَلَى حَاجَتِهِ ظَفِرَ بِهَا، وَمَنْ أَدْمَنَ قَرْعَ الْبَابِ يُوشِكُ أَنْ يُفْتَحَ لَهُ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ:
اصْبِرْ عَلَى مَضَضِ الْإِدْلَاجِ فِي السَّحَرِ ... وَفِي الرَّوَاحِ إلَى الْحَاجَاتِ وَالْبَكْرِ
لَا تَضْجَرَنَّ وَلَا يُعْجِزْكَ مَطْلَبُهَا ... فَالنُّجْحُ يَتْلَفُ بَيْنَ الْعَجْزِ وَالْقِصَرِ
إنِّي رَأَيْت وَفِي الْأَيَّامِ تَجْرِبَةٌ ... لِلصَّبْرِ عَاقِبَةً مَحْمُودَةَ الْأَثَرِ
وَقَلَّ مَنْ جَدَّ فِي شَيْءٍ تَطَلَّبَهُ ... وَاسْتَشْعَرَ الصَّبْرَ إلَّا فَازَ بِالظَّفَرِ
وَقَالَ سُفْيَانُ: الْإِلْحَاحُ لَا يَصْلُحُ وَلَا يَجْمُلُ إلَّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ سَأَلْت رَبِّي حَاجَةً عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا انْقَضَتْ لِي وَلَا يَئِسْت مِنْهَا وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
فِي النَّاسِ مَنْ تَسْهُلُ الْمَطَالِبُ أَحْ ... يَانًا عَلَيْهِ وَرُبَّمَا صَعُبَتْ
مَا كُلُّ ذِي حَاجَةٍ بِمُدْرِكِهَا ... كَمْ مِنْ يَدٍ لَا تَنَالُ مَا طَلَبَتْ
مَنْ لَمْ يَسَعْهُ الْكَفَافُ مُعْتَدِلًا ... ضَاقَتْ عَلَيْهِ الدُّنَا بِمَا رَحُبَتْ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اسْتَعِينُوا عَلَى النَّاسِ فِي حَوَائِجكُمْ بِالتَّثْقِيلِ فَذَلِكَ نُجْحٌ لَكُمْ وَقَالَ آخَرُ:
مَنْ عَفَّ خَفَّ عَلَى الصَّدِيقِ لِقَاؤُهُ ... وَأَخُو الْحَوَائِجِ وَجْهُهُ مَمْلُولُ
وَكَتَبَ أَبُو الْعَتَاهِيَة إلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ يُعَاتِبُهُ فَقَالَ:
لَئِنْ عُدْت بَعْدَ الْيَوْمِ إنِّي لَظَالِمٌ ... سَأَصْرِفُ نَفْسِي حِينَ تُبْغَى الْمَكَارِمُ
مَتَى يَنْجَحْ الْغَادِي إلَيْك بِحَاجَةٍ ... وَنِصْفُك مَحْجُوبٌ وَنِصْفُكَ نَائِمُ
وَسُئِلَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ حَاجَةً فَامْتَنَعَ فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: لَأَنْ يَحْمَرَّ وَجْهِي مَرَّةً خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَصْفَرَّ مِرَارًا.
وَقَالَ مَنْصُورٌ الْفَقِيهُ:
مَنْ قَالَ لَا فِي حَاجَةٍ ... مَطْلُوبَةٍ فَمَا ظَلَمْ