وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَاجَةُ الرَّجُلُ إلَى أَخِيهِ فِتْنَةٌ لَهُمَا، إنْ أَعْطَاهُ شَكَرَ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ، وَإِنْ مَنَعَهُ ذَمَّ مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ.
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ: لَا تَطْلُبُوا الْحَوَائِجَ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهَا، وَلَا تَطْلُبُوهَا فِي غَيْرِ حِينِهَا، وَلَا تَطْلُبُوا مَا لَا تَسْتَحِقُّونَ مِنْهَا، فَإِنَّ مَنْ طَلَبَ مَا لَا يَسْتَحِقُّ اسْتَوْجَبَ الْحِرْمَانَ.
وَقَالَ رَجُلٌ لِلْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَوْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ أَتَيْتُك فِي حَاجَةٍ صَغِيرَةٍ قَالَ: فَاطْلُبْ لَهَا رَجُلًا صَغِيرًا. وَقِيلَ لِآخَرَ أَتَيْتُك فِي حَاجَةٍ صَغِيرَةٍ قَالَ: اُذْكُرْهَا عِنْدَ الْحُرِّ يَقُومُ بِصَغِيرِ الْحَاجَاتِ وَكَبِيرِهَا، كَأَنْ يُقَالَ: لَا تَسْتَعِنْ عَلَى حَاجَةٍ بِمَنْ هِيَ طُعْمَتُهُ، وَلَا تَسْتَعِنْ بِكَذَّابٍ، فَإِنَّهُ يُقَرِّبُ الْبَعِيدَ وَيُبَاعِدُ الْقَرِيبَ، وَلَا تَسْتَعِنْ عَلَى رَجُلٍ بِمَنْ لَهُ إلَيْهِ حَاجَةٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصْلُ الْعِبَادَةِ أَنْ لَا تَسْأَلَ سِوَى اللَّهِ حَاجَةً. فَلِكُلِّ أَحَدٍ فِي اللَّهِ عِوَضٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ اللَّهِ عِوَضٌ بِأَحَدٍ وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدُ:
وَإِذَا طَلَبْتَ إلَى كَرِيمٍ حَاجَةً ... فَلِقَاؤُهُ يَكْفِيك وَالتَّسْلِيمُ
وَإِذَا طَلَبْت إلَى لَئِيمٍ حَاجَةً ... فَأَلِحَّ فِي رَقٍّ وَأَنْتَ مُدِيمُ
وَقَالَ آخَرُ:
لَا تَطْلُبَنَّ إلَى لَئِيمٍ حَاجَةً ... وَاقْعُدْ فَإِنَّك قَائِمٌ كَالْقَاعِدِ
يَا خَادِعَ الْبُخَلَاءِ عَنْ أَمْوَالِهِمْ ... هَيْهَاتَ تَضْرِبُ فِي حَدِيدٍ بَارِدِ
وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
اقْضِ الْحَوَائِجَ مَا اسْتَطَعْ ... تَ وَكُنْ لِهَمِّ أَخِيكَ فَارِجْ
فَلَخَيْرُ أَيَّامِ الْفَتَى ... يَوْمٌ قَضَى فِيهِ الْحَوَائِجْ