الْأَخْلَاقِ قَبْلَ ذِكْرِهِ الزَّهْدَ وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ الْحَنْبَلِيُّ الْوَزِيرُ لِيَكُنْ غَايَةُ أَمَلِكَ مِنْ عَدُوِّك الْإِنْصَافَ فَمَتَى طَلَبْته مِنْهُ كَانَ سَائِرُ الْخَلْقِ عَوْنًا لَك، فَأَمَّا أَخُوك وَصَدِيقُك فَعَامِلْهُمَا بِالْفَضْلِ وَالْمُسَامَحَةِ لَا بِالْعَدْلِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ لَهُ فَبَارَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَاهُ مِنْ الْحِلْمِ وَالْعِلْمِ وَالْفَهْمِ وَإِنَّهُ لَكَمَا قَالَ مُطْرِيهِ:
يَرِينُكَ إمَّا غَابَ عَنْك فَإِنْ دَنَا ... رَأَيْت لَهُ وَجْهًا يَسُرُّك مُقْبِلَا
يُعَلِّمُ هَذَا الْخَلْقَ مَا شَذَّ عَنْهُمْ ... مِنْ الْأَدَبِ الْمَجْهُولِ كَهْفًا وَمَعْقِلَا
وَيَحْسُرُ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ إذَا رَأَى ... مُضِيمًا لِأَهْلِ الْحَقِّ لَا يَسْأَمُ الْبِلَى
وَإِخْوَانُهُ الْأَدْنَوْنَ كُلٌّ مُوَفَّقٌ ... بَصِيرٌ بِأَمْرِ اللَّهِ يَسْمُو إلَى الْعُلَى
وَقَالَ الْخَلَّالُ ثنا الْمَرُّوذِيُّ قَالَ: قَالَ لِي أَحْمَدُ مَا كَتَبْت حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا وَقَدْ عَمِلْتُ بِهِ حَتَّى مَرَّ بِي فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «احْتَجَمَ وَأَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ دِينَارًا» ، فَأَعْطَيْت الْحَجَّامَ دِينَارًا حِينَ احْتَجَمْتُ.
وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ إسْمَاعِيلَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ كَانَ يَجْتَمِعُ فِي مَجْلِسِ أَحْمَدَ زُهَاءُ عَلَى خَمْسَةِ آلَافٍ، أَوْ يَزِيدُونَ، أَقَلُّ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ يَكْتُبُونَ، وَالْبَاقِي يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ حُسْنَ الْأَدَبِ وَحُسْنَ السَّمْتِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ كُنَّا نَهَابُ أَنْ نُرَادَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فِي الشَّيْءِ أَوْ نُحَاجَّهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، يَعْنِي لِجَلَالَتِهِ وَلِهَيْبَةِ الْإِسْلَامِ الَّذِي رُزِقَهُ.
وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَنْظَفَ ثَوْبًا وَلَا أَشَدَّ تَعَاهُدًا لِنَفْسِهِ فِي شَارِبِهِ وَشَعْرِ رَأْسِهِ وَشَعْرِ بَدَنِهِ وَلَا أَنْقَى ثَوْبًا وَأَشَدَّ بَيَانًا مِنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
وَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي بَيْتِ أَخِي صَالِحٍ وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ إلَى قَوْمٍ مَيَاسِيرَ فَحَمَلُوا إلَيْهِ جِهَازًا شَبِيهًا بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِينَارٍ فَأَكَلَتْهُ النَّارُ فَجَعَلَ صَالِحٌ يَقُولُ مَا غَمَّنِي مَا ذَهَبَ مِنِّي إلَّا ثَوْبُ أَبِي كَانَ يُصَلَّى فِيهِ أَتَبَرَّكُ بِهِ وَأُصَلِّي فِيهِ، قَالَتْ فَطُفِئَ الْحَرِيقُ وَدَخَلُوا فَوَجَدُوا الثَّوْبَ عَلَى سَرِيرٍ قَدْ أَكَلَتْ النَّارُ مَا حَوْلَهُ وَالثَّوْبُ سَالِمٌ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيّ: وَهَكَذَا بَلَغَنِي عَنْ