وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13] {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 14] . اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُك فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنْ الْعَمَلِ مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ آيِبُونَ تَائِبُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. مَعْنَى مُقْرِنِينَ (مُطِيقِينَ) .
وَاحْتَجَّ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَلَى كَرَاهَةِ أَوَّلِ اللَّيْلِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ الْآتِي فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ «لَا تُرْسِلُوا مَوَاشِيَكُمْ إذَا غَابَتْ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ» وَقَالَ: (بَابٌ فِي أَيِّ يَوْمٍ يُسْتَحَبُّ السَّفَرُ؟) وَذَكَرَ حَدِيثَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَقَالَ: «قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ فِي سَفَرٍ إلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ» ، وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ إلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ» وَقَالَ: (بَابٌ فِي الِابْتِكَارِ فِي السَّفَرِ) وَذَكَرَ حَدِيثَ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» .
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا «إذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُمَا جَيِّدٌ، وَفِيهِمَا ابْنُ عَجْلَانَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا «لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةٍ يَكُونُونَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي أَحْكَامِهِ (بَابُ وُجُوبِ نَصْبِهِ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ وَغَيْرِهِمَا) وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَخْبَارَ.
وَقَالَ حَفِيدُ الشَّيْخِ مَجْدِ الدِّينِ فَأَوْجَبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَأْمِيرَ الْوَاحِدِ فِي الِاجْتِمَاعِ الْقَلِيلِ الْعَارِضِ فِي السَّفَرِ تَنْبِيهًا بِذَلِكَ عَلَى سَائِرِ أَنْوَاعِ الِاجْتِمَاعِ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَوُجُوبُ هَذَا يُخَرَّجُ عَلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ (أَشْهَرُهُمَا)