وَقِيلَ:
لَمْ أَنْسَ يَوْمَ الرَّحِيلِ مَوْقِفَهَا ... وَطَرْفُهَا فِي دُمُوعِهَا غَرِقُ
وَقَوْلَهَا وَالرِّكَابُ وَاقِفَةٌ ... تَتْرُكُنِي هَكَذَا وَتَنْطَلِقُ
وَقِيلَ:
لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْفِرَاقِ وَإِنْ كَانَ ... أَخُو الْوَجْدِ وَالِهًا كَلِفَا
أَحْرَقَ مِنْ وَقْفَةِ الْمُشَيِّعِ لِلْقَلْبِ ... يُرِيدُ الرُّجُوعَ مُنْصَرِفَا
وَقِيلَ:
أَقُولُ لَهُ حِينَ وَدَّعْته ... وَكُلٌّ بِعَبْرَتِهِ مُفْلِسُ
لَئِنْ رَجَعَتْ عَنْك أَجْسَامُنَا ... لَقَدْ سَافَرَتْ مَعَك الْأَنْفُسُ
وَقِيلَ:
يَا رَاحِلَ الْعِيسِ عَرِّجْ بِي أُوَدِّعْهُمْ ... يَا رَاحِلَ الْعِيسِ فِي تَرْحَالِكَ الْأَجَلُ
إنِّي عَلَى الْعَهْدِ لَمْ أَنْقُضْ مَوَدَّتَهُمْ ... يَا لَيْتَ شِعْرِي لِطُولِ الْعَهْدِ مَا فَعَلُوا
صَاحَ الْغُرَابُ بِوَشْكِ الْبَيْنِ فَارْتَحَلُوا ... وَقَرَّبُوا الْعِيسَ قَبْلَ الصُّبْحِ وَاحْتَمَلُوا
وَغَادَرُوا الْقَلْبَ مَا تَهْدَا لَوَاعِجُهُ ... كَأَنَّهُ بِضِرَامِ النَّارِ يَشْتَعِلُ
وَفِي الْجَوَانِحِ نَارُ الْحُبِّ تَقْدَحُهَا ... أَيْدِي النَّوَى بِزِنَادِ الشَّوْقِ إذْ رَحَلُوا
وَقِيلَ:
أُهْدِي إلَيْهِ سَفَرْجَلًا فَتَطَيَّرَا ... مِنْهُ وَظَلَّ مُفَكِّرًا مُتَحَيِّرَا
خَوْفَ الْفِرَاقِ لِأَنَّ شَطْرَ هِجَائِهِ ... سَفَرٌ وَحُقَّ لَهُ بِأَنْ يَتَطَيَّرَا
وَدَّعَ أَعْرَابِيٌّ رَجُلًا فَقَالَ: كَبَتَ اللَّهُ لَك كُلَّ عَدُوٍّ إلَّا نَفْسَك، وَجَعَلَ خَيْرَ عَمَلِك مَا وَلِيَ أَجَلَك قَالَ الشَّاعِرُ:
وَكُلُّ مُصِيبَاتِ الزَّمَانِ وَجَدْتهَا ... سِوَى فُرْقَةِ الْأَحْبَابِ هَيِّنَةَ الْخَطْبِ