الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي كِتَابِ الْمُعْتَمَدِ وَيَجِبُ إنْكَارُ الْمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ فِي ظَنِّهِ زَوَالُهُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ نَقَلَهَا أَبُو الْحَارِثِ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ الرَّجُلِ يَرَى مُنْكَرًا وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَيَسْكُتُ؟ فَقَالَ إذَا رَأَى الْمُنْكَرَ فَلْيُغَيِّرْهُ مَا أَمْكَنَهُ. هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِيُّ عَنْ الْعُلَمَاءِ قَالَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ} [المائدة: 99] .
وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى لَا يَجِبُ حَتَّى يَعْلَمَ زَوَالَهُ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ يَرَى رَجُلًا يُصَلِّي لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ وَلَا يُقِيمُ أَمْرَ صَلَاتِهِ فَإِنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَقْبَلُ مِنْهُ أَمَرَهُ وَوَعَظَهُ حَتَّى يُحْسِنَ صَلَاتَهُ. وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ هَانِئٍ: إذَا صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَقْرَأُ بِقِرَاءَةِ حَمْزَةَ فَإِنْ كَانَ يَقْبَلُ مِنْك فَانْهَهُ. وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَابْنُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ هَلْ مِنْ شَرْطِ إنْكَارِ الْمُنْكَرِ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي إزَالَةِ الْمُنْكَرِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (إحْدَاهُمَا)
لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ لِظَاهِرِ الْأَدِلَّةِ (وَالثَّانِيَةُ) مِنْ شَرْطِهِ وَهِيَ قَوْلُ الْمُتَكَلِّمِينَ لِبُطْلَانِ الْغَرَضِ، وَكَذَا ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِيمَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ صَاحِبَ الْمُنْكَرِ يَزِيدُ فِي الْمُنْكَرِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَزُولُ فَرِوَايَتَانِ (إحْدَاهُمَا) يَجِبُ ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ حَنْبَلٍ السَّابِقَةَ وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي الرَّجُلِ يَرَى مُنْكَرًا وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ هَلْ يَسْكُت؟ فَقَالَ يُغَيِّرُ مَا أَمْكَنَهُ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ وَقَالَ أَيْضًا لَا يَجُوزُ انْتَهَى كَلَامُهُ وَقَالَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْإِنْكَارُ إذَا عَلِمَ حُصُولَ الْمَقْصُودِ وَلَمْ يَقُمْ بِهِ غَيْرُهُ، وَعَنْهُ إذَا رَجَا حُصُولَهُ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقِيلَ يُنْكِرُهُ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ أَوْ خَافَ أَذًى أَوْ فِتْنَةً وَقَالَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ