وَقَالَ آخَرُ
يَا رَاكِبَ الْهَوْلِ وَالْآفَاتِ وَالْهَلَكَهْ ... لَا تَعْجَلَنَّ فَلَيْسَ الرِّزْقُ بِالْحَرَكَهْ
مَنْ غَيْرُ رَبِّكَ فِي السَّبْعِ الْعُلَى مَلَكَ ... وَمَنْ أَدَارَ عَلَى أَرْجَائِهَا فَلَكَهْ
أَمَا تَرَى الْبَحْرَ وَالصَّيَّادَ تَضْرِبُهُ ... أَمْوَاجُهُ وَنُجُومُ اللَّيْلِ مُشْتَبِكَهْ
يَجُرُّ أَذْيَالَهُ وَالْمَوْجُ يَلْطِمُهُ ... وَعَقْلُهُ بَيِّنٌ فِي كَلْكَلِ الشَّبَكَهْ
حَتَّى إذَا رَاحَ مَسْرُورًا بِهَا فَرِحًا ... وَالْحُوتُ قَدْ شَكَّ مَنْقُودُ الرَّدَى حَنَكَهْ
أَتَى إلَيْك بِرِزْقٍ مَا بِهِ تَعَبٌ ... فَصِرْت تَمْلِكُ مِنْهُ مِثْلَ مَا مَلَكَهْ
لُطْفًا مِنْ اللَّهِ يُعْطَى ذَا بِحِيلَتِهِ ... هَذَا يَصِيدُ وَهَذَا يَأْكُلُ السَّمَكَهْ
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْحَلَالُ يَقْطُرُ قَطْرًا، وَالْحَرَامُ يَسِيلُ سَيْلًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ جَدُّك لَا كَدُّك.
وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ:
الْمَرْءُ يُحْمَدُ سَعْيُهُ مِنْ جَدِّهِ ... حَتَّى يُزَيَّنَ بِاَلَّذِي لَمْ يَعْمَلْ
وَتَرَى الشَّقِيَّ إذَا تَكَامَلَ عَيْبُهُ ... يُرْمَى وَيُقْذَفُ بِاَلَّذِي لَمْ يَفْعَلْ
وَقَالَ حَسَّانُ أَوْ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:
وَإِنَّ امْرَأً يُمْسِي وَيُصْبِحُ سَالِمًا ... مِنْ النَّاسِ إلَّا مَا جَنَى لَسَعِيدُ
وَإِنَّ الَّذِي يَنْجُو مِنْ النَّارِ بَعْدَمَا ... تَزَوَّدَ مِنْ أَعْمَالِهَا لَسَعِيدُ
وَلِصَالِحِ بْنِ عَبْدِ الْقُدُّوسِ:
وَلَيْسَ رِزْقُ الْفَتَى مِنْ حُسْنِ حِيلَتِهِ ... لَكِنْ جُدُودٌ بِأَرْزَاقٍ وَأَقْسَامِ
كَالصَّيْدِ يُحْرَمُهُ الرَّامِي الْمَجِيدُ وَقَدْ ... يَرْمِي فَيُرْزَقُهُ مَنْ لَيْسَ بِالرَّامِي
طَلَبَ أَبُو الْأَسْوَد الدُّؤَلِيُّ مَالًا مِنْ جَارٍ يَسْتَقْرِضُهُ مِنْهُ وَكَانَ حَسَنُ الظَّنِّ بِهِ فَاعْتَلَّ عَلَيْهِ وَدَفَعَهُ فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: