الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ» إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا «إنَّ لِقَلْبِ ابْنِ آدَمَ بِكُلِّ وَادٍ شُعْبَةً فَمَنْ أَتْبَعَ قَلْبَهُ الشُّعَبَ كُلَّهَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ وَادٍ أَهْلَكَهُ وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ كَفَاهُ الشُّعَبَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ زُرَيْقٍ الْعَطَّارِ تَفَرَّدَ عَنْهُ الْكَوْسَجُ وَبَاقِيهِ جَيِّدٌ وَلِابْنِ مَاجَهْ هَذَا الْمَعْنَى بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَدْ سَبَقَ فِي فُصُولِ الْعِلْمِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ بَهْجَةِ الْمُجَالِسِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «لَا تُكْثِرْ هَمَّكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ وَمَا يُقَدَّرُ يَكُونُ وَمَا تُرْزَقُ يَأْتِيكَ» وَقَالَ غَيْرُهُ قَالَ الْأَطِبَّاءُ فِي تَدْبِيرِ الْمَشَايِخِ وَلْيَحْذَرُوا الْهَمَّ فَإِنَّهُ يُصَيِّرُ الشَّبَابَ شُيُوخًا فَمَا ظَنُّك بِالْمَشَايِخِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَيُرْوَى لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفِيهَا نَظَرٌ
لَوْ أَنَّ فِي صَخْرَةٍ فِي الْبَحْرِ رَاسِيَةٍ ... صَمًّا مُلَمْلَمَةً مَلْسٌ نَوَاحِيهَا
رِزْقًا لِعَبْدٍ بَرَاهُ اللَّهُ لَانْفَلَقَتْ ... حَتَّى تُؤَدِّي إلَيْهِ كُلَّ مَا فِيهَا
أَوْ كَانَ تَحْتَ طِبَاقِ الْأَرْضِ مَطْلَبُهَا ... لَسَهَّلَ اللَّهُ فِي الْمَرْقَى مَرَاقِيهَا
حَتَّى تُؤَدِّي الَّذِي فِي اللَّوْحِ خُطَّ لَهُ ... إنْ هِيَ أَتَتْهُ وَإِلَّا سَوْفَ يَأْتِيهَا
قَالَ وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ لَيْسَ الرِّزْقُ بِالطَّلَبِ ... وَلَا الْعَطَايَا عَلَى عَقْلٍ وَلَا أَدَبِ
إنْ قَدَّرَ اللَّهُ شَيْئًا أَنْتَ طَالِبُهُ ... يَوْمًا وَجَدْتَ إلَيْهِ أَقْرَبَ السَّبَبِ
وَإِنْ أَبَى اللَّهُ مَا تَهْوَى فَلَا طَلَبٌ ... يُجْدِي عَلَيْك وَلَوْ حَاوَلْت مِنْ كَثَبِ
وَقَدْ أَقُولُ لِنَفْسِي وَهْيَ ضَيِّقَةٌ ... وَقَدْ أَنَاخَ عَلَيْهَا الدَّهْرُ بِالْعَجَبِ
صَبْرًا عَلَى ضِيقَةِ الْأَيَّامِ إنَّ لَهَا ... فَتْحًا وَمَا الصَّبْرُ إلَّا عِنْدَ ذِي الْأَدَبِ