فخاطبه بعض أهل مجلسه بخطاب خشن، لم يخاطب مثله بمثله، فتمادى ابن الطالب في مكالمته كأنَّه ما سمع مكروهاً فقام الرجل وذهب.
فقال ابن الطالب: رأيت نظر بعضكم إلى بعض، فقلت في نفسي رجل قصدني يؤدى الذي يجب من حقي هنا، عليه أصول، عليه بسلطاني والله إن هذا لهو اللؤم. (?)
أراد ـ رحمه الله ـ ? أن هذا الرجل الذي جاء يشتمني أتاني، وهو يعلم أنى لن أخطأ في حقه، فلما كنتم حولي استكثر بكم فأرد عليه، فهذا هو اللؤم.
فانظر كيف كان كرم أخلاقهم حتى وسعت صدورهم جهالات الناس وسفههم.
إخوتاه
قال ابن مراد تكلم عبد الله بن عياش بكلام أساء به إلى عمر بن ذر (?) فقام إلى منزله ? وكان عبد الله ابن عمه ?، فندم ابن عياش لما بدر منه فأتى عمر فقال: أيدخل الظالم؟!! فقال عمر: نعم مغفوراً له، والله ما كافأت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه. فصارت مثلاً سائراً.
هذا هو الإغضاء حتى لا تدع في النفس شائبة تجاه أي إنسان، فقط عليك أن تعامله بالحسنى، أن تدعو الله له، أن تطيع الله في نفسك فلا تتشفى، وتطيع الله في غيرك فلا تعامله بنظير عمله، واعلم أنَّه في الأول والآخر أخوك فلا تبتئس!!
قال الجاحظ [في الترفق بالصاحب واحتماله]: " لا تكوننَّ لشيء ممَّا في يديك أشد ضناً، ولا عليه أشد حدباً منك بالأخ ". (?)