السبب الثاني لتعميق أواصر الأخوة
الإغضاء وعدم الاستقصاء.
والمقصود بهذا أن تغض طرفك عما تجد من عيوب إذا كان الفضل أعظم؛ لأنَّه ما من إنسان إلا وفيه عيب، والمعصوم هو النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء، أما بقية البشر فليسوا بمعصومين، بل لا بد لهم من خطأ وزلل.
قال الله تعالى: " ولَقَدْ عَهِدْنَا إلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا " [طه/115] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " كل ابن آدم خطاء " (?).
ويقول سعيد بن المسيب (سيد التابعين): ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه، فمن كان فضله أكثر من نقصه وُهِبَ نقصه لفضله.
وهذه من القواعد المهمة التي ينبغي أن نلتزمها وتربى عليها الأجيال ليكون القرن القادم هو قرن الإسلام بإذن الله تعالى، وذلك أنه ينبغي أن نتحلى بالحكمة فنضع كل شئ في محله فبدايةً: علينا أن نكون أصحاب أصول وثوابت ومنطلقات وقواعد فلا نكون كل يوم برأي وكل سنة بمنهج، وإذا لم يكن ذلك فسوف نتخبط وسط الآراء والخلافات، ولا يتضح الصواب من الخطأ، ولا الحق من الباطل، وحينئذٍ قد يحيد بعض أصحاب الفضل عن أحد هذه الأصول أو الثوابت، فهذا عندنا لا يشينه ولا يقلل من قدره، بل نهب نقصه إلى فضله وتنتهي القضية.